رآهُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بكَى للَّذِي كانَ فيهِ مِنَ النِّعْمَةِ، والذي هُوَ فيهِ اليومَ، ثمَّ قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيفَ بكُمْ إذا غَدا أَحَدُكُمْ في حُلَّةٍ وراحَ في حُلَّةٍ، ووُضعَتْ بينَ يدَيْهِ صَحْفَةٌ ورُفِعتْ أُخرَى، وسَتَرْتُمْ بُيوتَكمْ كما تُستَرُ الكَعْبةُ؟ " فقالوا: يا رسولَ الله! نَحْنُ يَوْمَئِذٍ خيرٌ مِنَّا اليومَ، نتفرَّغُ للعِبادَةِ، ونكُفَى المُؤْنةَ؟ قال:"لا، أنتُمُ اليومَ خَيْرٌ منكُمْ يَوْمَئِذٍ".
قوله:"كيفَ بكُمْ"؛ يعني: كيف الحال بكم؛ يعني: كيف يكون حالكم إذا كثرت أموالكم، ويلبسُ كل واحد منكم ثوبًا في أول اليوم، وثوبًا في آخره من غاية التنعم.
"الصَّحْفَة": القصعة.
"وسترتُمْ بيوتَكُمْ"؛ أي: تزينون بيوتَكُمْ بالثياب النفيسة مثل الحَجَلَةِ، والستر من غاية التنعم.
"ونُكْفَى المُؤْنَةَ"؛ أي: يُدفع عنا هَمُّ تحصيلِ القُوت، بل تكون أسبابنا مهيأة ونشتغل بالكلية بالعبادة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أنتم اليومَ خيرٌ منكم يومئذ"؛ يعني: ليسَ الأمرُ كما تظنون، بل أنتم اليوم خير؛ لأن الفقير الذي له كفاف خير من الغني؛ لأن الغني يشتغل بدنياه، ولم يكن له فراغ العبادة من كثرة اشتغاله بالمال.
* * *
٤١٣٢ - عن أنسٍ قال: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يأْتي على النَّاسِ زَمانٌ الصَّابرُ فيهِمْ على دينِهِ كالقابضِ على الجَمْرِ"، غريب.
قوله:"كالقَابضِ على الجَمر"، (الجَمْرُ): الحطب المحترق قبل أن تخبو ناره؛ يعني: كما أن أخذَ النار بالكفِّ شديدٌ، فكذلك الصبرُ مع أهل