للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أن يُنفع بالتداوي لم تنفع مداواةُ جميع أطباء العالم، وعلى هذا فقِسْ جميعَ الأسباب.

وروى هذا الحديثَ "أبو خِزامة"، بخاء معجمة مكسورة وبزاي معجمة، واسم أبيه مَعمَر، وقيل أبو خِزامة أحدُ بني الحارث بن سعد، وقيل: راوي الحديث ابن أبي خِزامة، وذُكر أن اسمه الحارث بن أبي خِزامة، وهذا غيرُ مشهورٍ بين أصحاب الحديث.

* * *

٧٧ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: خَرَجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - علينا ونحنُ نتنازعُ في القَدَرِ، فغضِبَ حتَّى احمرَّ وجهُهُ، فقال: "أبهذا أُمِرتُمْ، أَمْ بهذا أُرْسِلْتُ إليكُمْ، إنَّما هلكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمْ حينَ تنازَعُوا في هذا الأمرِ، عَزَمْتُ عليكُمْ أنْ لا تتنازَعُوا فيهِ"، غريب.

قوله: "نتنازع"؛ أي: نتخاصم ونتناظر "في القَدَر"، والتنازُع في القَدَر: أن يقول أحد: إذا كان جميع ما يجري في العالم بقَدَر الله تعالى فلِمَ يُعذَّب المذنبون؛ ولم يَنسِبِ الفعلَ إلى العباد وإلى الشيطان، فقال: {لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: ٢١] وقال: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} [طه: ١٢٠]، وغير ذلك؟ ويقول آخر: فما الحكمةُ في تقدير بعض العباد للجنة وبعضهم للنار؟ وما أشبه ذلك، فغضبَ رسولُ الله - عليه السلام - عليهم حتى احمرَّ وجهه من الغضب، ولم يرضَ منهم التنازُعَ في القَدَر؛ لأن القَدَرَ سرٌّ من أسرار الله تعالى، وطلبُ سر الله مَنهيٌّ عنه، وكذلك مَن بَحَثَ في القَدَرِ لم يُؤمَنْ أن يَصيرَ جَبْريًا أو قَدَريًا؛ بل العبادُ مأمورون بقَبول ما أمرَهم الشرع من غير أن يطلبوا سرَّ ما لا يجوز طلبُ سرِّه.

قوله: "أبهذا أُمرتم؟ "؛ يعني: لم يأمركم الله تعالى ورسوله بالتنازع في

<<  <  ج: ص:  >  >>