للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٦ - عن أبي خِزامَةَ، عنْ أبيه قال: "قلت: يا رسول الله! أرأيتَ رُقًى نَسترقيهَا، ودواءً نتَداوَى بهِ، وتُقاةً نتَّقيها، هلْ تَرُدُّ مِنْ قدَرِ الله شيئًا؟ قال: هيَ مِنْ قَدَرِ الله".

قوله: "أرأيت رُقًى"، (رُقى) بضم الراء وبفتح القاف، جمع: رُقية، وأصل "رقى" على وزن ظُلْمَة وظُلَم، فقُلبت الياءُ ألفًا وحُذفت لسكونها وسكون التنوين، والرُّقية: ما يُقرأ من الدعاء وآيات القرآن لطلب الشفاء، والاسترقاء: طلب الرُّقية.

"نَستَرقِيها"؛ أي: نَطلب تلك الرُّقى أن يَقرأَها علينا أحدٌ لطلب الشفاء.

(التداوي): استعمال الدواء في الأعضاء.

(التُّقاة) أصله: الوُقاة، فقُلبت الواوُ تاءً، وهو الشيء الذي التجأ إليه الناسُ ليُحفَظوا من الأعداء، مثل القلعة والجبل وغيرهما، وهو من وَقَى يَقِي وقايةً: إذا حفظَ.

قوله: "نتَّقيها"؛ أي: نَلتجِئ بها ونحذر بسببها من شر الأعداء، ويجوز أن تكون (تقاة) هنا مصدرًا بمعنى: الاتقاء، فعلى هذا قوله: (نتقيها) يكون معناه: نتَّقي تُقاةً، بمعنى: نتقي اتقاءً؛ يعني: هذه الأسباب التي نستعملها "هل تَرُدُّ من قَدَرِ الله شيئاً؟ " يعني إنْ قُدَّرَ بلاءٌ علينا هل نخلصُ من الهلاك باستعمال شيء من هذه الأسباب أم لا؟

قوله عليه السلام: "هي مِن قَدَرِ الله تعالى أيضًا"؛ أي: هذه الأسباب من قَدَر الله أيضًا؛ يعني: كما أن الله تعالى قدَّر الداءَ قدَّر زوالَ الداء بالدواء أو بالرقية، وكما أنه تعالى خَلَقَ في العدوِّ قصدَ عدوِّه بالإيذاء خَلَقَ في الذي يقصده العدُّو أن يَلتجِئَ إلى قلعةٍ، وأنْ يدفعَه بشيءٍ من الأسباب، فكلُّ من أصابه داءٌ، فتَدَاوَى وبَرِئ فاعلم أنه قدَّر هذا الدواءَ نافعًا في ذلك الداء، ومَن تَدَاوَى ولم يَبْرَأ فاعلم أنه لم يُقدَّر أن يكونَ التداوي نافعًا في ذلك الدواء، وإذا لم يُقدِّر لداءٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>