"وعليك بخاصة نفسك، وإياك وعوامَّهم"؛ يعني: الزم أمر نفسك، واحفظ نفسك ودينك، واترك الناس ولا تتبعهم، وهذا منه - صلى الله عليه وسلم - رخصة في ترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، إذا كَثُرَ الأشرار، وضعف الأخيار، ولم يقدر الأخيار على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
"املِكْ عليكَ لسانَك"، (الإملاك): الشدُّ والإحكام؛ يعني: اشدد لسانك، ولا تتكلم في أحوال الناس كي لا يؤذوك.
* * *
٤١٦٠ - عن أبي مُوسى، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه قال: "إنَّ بينَ يَدَي السَّاعةِ فِتَنًا كقِطَعِ اللَّيلِ المُظْلِمِ، يُصْبحُ الرَّجُلُ فيها مُؤْمِنًا ويُمسي كافِرًا، ويُمْسِي مُؤْمِنًا ويُصْبحُ كافِرًا، القاعِدُ فيها خَيْرٌ منَ القائِمِ، والماشي خيرٌ مِنَ السَّاعي، فكسِّرُوا فيها قِسِيَّكُمْ، وقطِّعُوا فيها أوْتارَكُمْ واضْرِبُوا سُيُوفَكُمْ بالحِجَارَةِ، والزَمُوا فيها أَجْوافَ بُيوتِكُمْ، فإنْ دُخِلَ على أَحَدٍ منكُمْ فَلْيكُنْ كخَيْرِ ابنيْ آدمَ"، صحيح.
قوله:"كَقِطَعِ الليل المظلمِ"، (القِطَعُ): جمع قطعة، وهي طائفة من الشيء، والمراد به ها هنا: بعض من الليل؛ يعني: تكون فتنة لا يكون فيها ضياء وخلاص لأهلها، ولا يُعرف المحق من المبطل.
"فكسِّروا فيها قِسِيَّكم" يريد بهذا الكلام: النهي عن المحاربة؛ لأن أهل تلك الحرب كلهم مسلمون.
"الأوتار": جمع الوتر: القوس.
"فليكنْ كخيرِ ابني آدمَ"؛ يعني: فليستسلم حتى يكون مقتولًا كهابيل، ولا يكن قاتلًا كقابيل.