أحدهما: أنَّ مَنْ ذَكَرَ أهلَ تلك الحربِ بسوءٍ يكون آثمًا كَمَنْ حَارَبَهم؛ لأنهم مسلمين، وغيبة المسلم إثم، ولعل المراد بهذه الفتنة: الحربُ التي وقعت بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وبين معاوية - رضي الله عنهما -، فلا شكَّ أن مَنْ ذكر أحدًا من هذين الصدرين وأصحابهما يكون مبتدعًا؛ لأن أصحابهما أكثرهم كانوا أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وسبُّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعة.
والاحتمال الثاني: أن المراد بهذا الكلام: أن مَنْ مَدَّ لسانَهُ فيهم بشتمٍ أو غيبةٍ، يقصدونه بالضربِ والقتل، ويفعلون به ما يفعلون بمَنْ حارَبهم.
٤١٦٣ - وعن أبي هُريرةَ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"ستكونُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ بَكْماءُ عَمْياءُ، مَنْ أَشْرَفَ لها استَشْرَفَتْ لهُ، وإِشْرافُ اللِّسانِ فيها كوُقُوعِ السَّيفِ".
قوله:"ستكونُ فتنةٌ صمَّاء بكماءُ عَمياءُ": ذكر شرح (الصماء والعمياء) في الحديث الرابع من الحِسَان، وأما (البَكْمَاء) فمعناها: أن أحدًا لا يقدرُ على الأمر بالمعروف فيها، والنهي عن المنكر، فمن تكلم بحقٍ يؤذيه الناس.
"من أَشرَفَ لها"؛ أي: مَن اطَّلَعَ عليها وقَرُبَ منها.
"استشرفَتْ"؛ أي: اطَّلعت تلك الفتنةُ عليه، وجَرَّتْهُ إلى نفسها، و (إشرافُ اللِّسَانِ)؛ أي: إطالة اللسان، معنى هذا مثلُ معنى قوله:"اللسانُ فيها أشدُّ مِنْ وَقْعِ السيف".
* * *
٤١٦٤ - عن عبدِ الله بن عُمَرَ قال: كُنَّا قُعُودًا عندَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الفِتَنَ، فأَكْثَرَ حتَّى ذَكَرَ فِتْنَةَ الأَحْلاسِ، فقالَ قائِلٌ: وما فِتْنَةُ الأَحْلاسِ؟ قال: "هيَ هَرَبٌ وحَرْبٌ، ثمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُها منْ تحتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بيتي، يَزْعُمُ