أنَّهُ منِّي وليسَ منِّي، إنَّما أَوْليائي المُتَّقُونَ، ثمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ على رَجُلٍ كوَرِكٍ على ضلَعٍ، ثمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْماءِ لا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هذهِ الأُمَّةِ إلا لطَمَتْهُ لَطْمةً، فإذا قيلَ: انقضَتْ تمادَتْ، يُصْبحُ الرَّجُلُ فيها مُؤْمِنًا ويُمْسِي كافِرًا، حتَّى يَصيرَ النَّاسُ إلى فُسْطاطَيْنِ: فُسطاطِ إِيْمانٍ لا نِفاقَ فيهِ، وفُسْطاطِ نِفاقٍ لا إِيْمانَ فيهِ، فإذا كانَ ذلكُمْ فانتظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أوْ مِنْ غَدِه".
قوله: "كُنَّا قُعودًا"؛ أي: كنا قاعدين.
"ذَكَرَ فِتنَةَ الأَحْلاس": قال الخطابي: إنما أضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامِها وطول لبثها، يقال للرجل إذا لزم بيته ولا يبرح منه:(هو حِلْسُ بيتِهِ)، ولأن الحِلْسَ مفترش، فيبقى على المكان ما دام لا يرفع، وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شُبهَتْ بالأحلاس؛ لسوادِ لونها وظلمتها.
"هي هرَبٌ"؛ أي: فِرَارٌ، يفرُّ بعض الناس من بعض؛ لما بينهم من المحاربة، (الحرَب) بفتح الراء: أخذ المال.
و"فتنة السَّرَّاء"، (السَّرَّاء) بفتح السين: داءٌ يأخذ الناقة في سُرَّتها، يقال:(ناقة سَرَّاء)؛ أي: بها داء السَّرَر، فعلى هذا، معنى هذا الكلام: فتنةٌ الواقعةُ في الناس التي تُوجِعُ صدورَ الناس من الحزنِ ولحوق الضرر بهم.
"دَخَنها"؛ أي: دُخانُهَا؛ يعني: تظهر تلك الفتن بواسطة.
"رجلٌ من أهل بيتي، وليس من أهلي": لأنه لو كان من أهلي لم يهيج الفتنة؛ يعني: هو في النسب من أهل بيتي، ولكنه في الفعل ليس مني.
"ثم يصطلح الناس على رجل كَوَرِكٍ على ضلَعٍ"، قال الخطابي: هذا مثلٌ، ومعناه: الأمر الذي لا يثبتُ ولا يستقيمُ، وذلك أن الضلَع لا يقومُ بالوَرِكِ، ولا يحمله، وإنما يقال في باب الملازمة والموافقة إذا وصفوا: هو ككفٍ على ساعد، وكساعد في ذراع، ونحو ذلك.