قوله:"والسَّهْل والحَزْن"، (الحزن): الغليظ والخَشِن، و (السهل): الليَّن؛ يعني: كلُّ موضعٍ كان ليَّنًا كان أهلُ ذلك الموضع طباعهم ليَّنةً، وكلُّ موضعٍ كان خَشِنًا كان أهلهُ طباعُهم خَشِنةً، وكذلك الخبيث والطيب، ومعنى "الخبيث": خبيث الخِصَال والأخلاق، ومعنى"الطيِّب" كذلك، وكلُّ ذلك بتقدير الله تعالى؛ قدَّر لكل شخص لونًا وطبعًا وخلقًا ومسكنًا كما شاء، لا مَرَدَّ لقضائه، ولا مانعَ لحكمه.
* * *
٧٩ - وعن عبد الله بن عَمْرو - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إنَّ الله تعالى خلَقَ خلقَهُ في ظُلْمَةٍ، فألقَى عليهِمْ مِنْ نُورِهِ، فمَنْ أصابَهُ مِن ذلكَ النُّورِ اهتَدَى، ومَنْ أخطأهُ ضَلَّ، فلذلكَ أقولُ: جفَّ القلمُ على عِلمِ الله".
"إن الله خلق خلقه في ظُلمةٍ"، والمراد بـ (خلقه) هنا: الجنُّ والإنسُ؛ لأن الملائكةَ لم يُخلَقوا في الظلمة، بل خُلِقُوا في النور.
قوله:"في ظلمة"؛ أي: كائنين في ظلمة، والظلمة ها هنا: ما كان في الشخص من الصفات النفسانية كالشهوة والتكبُّر والحرص، وغير ذلك مما يُبعد الشخصَ عن الله تعالى.
قوله:"من نوره"؛ أي: من تقدير الإيمان والطاعات، فمَن قدر له نورَ الإيمان وتوفيق الطاعات وقَبول الشريعة يكون مَهدِيًّا مهتديًا إلى طريق الحق، ويخرج من ظلمة الهواء النفسانية، ومَن لم يُقدَّر له الإيمانَ وتوفيقَ الطاعاتِ يبقى في ظلمة الأهواء النفسانية والجهل والتكبُّر وغير ذلك من الخصال المذمومة ولم يهتدِ إلى الحق.
قوله:"ومَن أخطأه ضَلَّ"، (أخطأه)؛ أي: جاوزَه ولم يَصِلْ إليه؛ يعني: مَن لم يجد نورَ الإيمان المقدَّر في الأزل لم يهتدِ، بل يَضِلُّ.
قوله عليه السلام:"فلذلك أقولُ: جفَّ القلمُ على علم الله تعالى"؛