و (الجُهْد): بضم الجيم: الطاقة، وبفتحها: المشقة، وقيل: لا فرق بينهما.
قوله:"لا تَكِلْهُم إليَّ فأضْعُفَ": منصوب على جواب النهي، فكذا (يعجزوا).
"فيستأثِرُوا عليهم"؛ أي: يختاروا لأنفسهم الجيد، ويدفعون الرديء إليهم؛ أي: إلى أمتي، فحينئذ يتجبرون ويعلون، ويحتمل أن يريد يستولُون على أمتي، فيضعفونَهم ويستضعفونهم حتى يخاف عليهم فواتُ دينهم.
وفي هذا الدعاء: تعليم لأمته - صلى الله عليه وسلم - أن يَكِلوا أمورَهم وحوائِجَهم إلى الله تعالى، ولا يعتمدون على غيره، بل ينبغي أن يعتمدوا في جميع الأمور على الله تعالى؛ لأنهم لو اعتمدوا فيما عَنَّ لهم مِنَ الحوائج على خالِقهم كفاهُمْ مُؤْنَتَهُم، كقوله سبحانه:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}[الطلاق: ٣].
"الأرضُ المقدسة": عبارةٌ عن أرض الشام.
"الزَلازِل": جمع زَلْزَلة.
"والبَلابل": جمع بَلْبَلة، وهي وسوسةُ الصدرِ والهمِّ.
وهذا الحديث أيضًا دليل على قرب السَّاعة.
* * *
٤٢٠٨ - وعن أبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا اتُخِذَ الفَيْء دُوَلًا، والأَمانةُ مَغنَمًا، والزَّكاةُ مغرمًا، وتُعُلِّمَ لغيرِ دِينٍ، وأَطاعَ الرَّجُلُ امرأتَهُ، وعَقَّ أُمَّهُ، وأدنى صديقَهُ، وأقْصَى أباهُ، وظَهرتِ الأَصْواتُ في المَساجِدِ، وسَادَ القَبيلةَ فاسِقُهُمْ، وكانَ زَعيمُ القَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخافَةَ شَرِّه، وظَهَرتِ القَيْناتُ والمَعازِفُ، وشُرِبَتِ الخُمورُ، ولَعَنَ آخِرُ هذه الأُمَّةِ أوَّلَها، فارتَقِبُوا عِنْدَ ذلكَ رِيْحًا حَمراءَ، وزَلْزَلَةً وخَسْفًا ومَسْخًا وقَذْفًا، وآياتٍ تتابَعُ كنِظامٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فتتابَع".