وفي روايةٍ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:" {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}: نزلَتْ في عذابِ القَبْرِ، إذا قيلَ له: مَنْ رَبُّكَ؟ وما دينُكَ؟ ومن نبيُّكَ؟؛ فيقول: ربِّيَ الله، وديني الإسلامُ، ونبيَّي محمدٌ - صلى الله عليه وسلم -".
قوله:"المسلمُ إذا سئل في القبر ... " إلى آخره.
اعلم أن الميتَ إذا وُضع في القبر تُنفَخ فيه الروح، ويُقعد حيًّا كما كان في الدنيا قاعدًا، وأتاه مَلَكانِ من عند الله تعالى، فيَسألانِه عن ربَّه وعن نبيَّه وعن دِينه، فإن كان مسلمًا أزالَ الله تعالى الخوفَ عنه، وأثبتَ لسانَه في جوابهما، فيجيبهما عما يسألانه، وأما الكافرُ فغلبَ عليه الخوفُ، ولا يقدر على جوابهما فيكون مُعذَّبًا في القبر.
قوله:{يُثَبِّتُ اللَّهُ}؛ أي: يُجري الله تعالى لسانَ المسلمين {بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}: وهو كلمة الشهادة، ويديمهم على الحق ما داموا في الدنيا.
قوله:{وَفِي الْآخِرَةِ}؛ يعني: في القبر أيضًا يُجري لسانَهم بكلمة الشهادة ليُجيبوا المَلَكَينِ، وليس المراد من (الآخرة) ها هنا: يوم القيامة؛ لأن قولَ كلمة الشهادة لا ينفع يومَ القيامة، بل المراد منه: القبر.
كنية "البراء": أبو عُمارة، واسم جده: حارثة بن عدي بن جُشَم بن مجدعة، وهو أنصاري.
قوله:"يثبت الله ... " إلى آخره؛ يعني: نَزلت هذه الآيةُ في حق المؤمنين، في جوابِهم المُنكَرَ والنكيرَ في القبر؛ يعني: يسَّرَ الله تعالى عليهم جوابَ المُنكَرِ والنكيرِ في القبر كما يسَّرَ عليهم قولَ كلمتَي الشهادة في الدنيا والعملَ الصالحَ.
* * *
٩٢ - وعن أنسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ العبْدَ إذا وُضِعَ في قَبْرِه،