للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: ٢٧]، فأضاف الرسولَ إليهم، وإنما هو رسول الله إليهم. و (الاستئذان): طلب الإذن؛ يعني: أطلبُ الدخولَ على حضرة ربي تعالى في مقعد الصدق.

قوله: "ارفَعْ محمدُ"؛ يعني: يقول الله - عز وجل - لي: ارفَعْ رأسَك من السجود.

و (محمد)؛ أي: يا محمدُ.

"وقُلْ تُسمَع": والتَمِسْ من حضرتي ما تريد من الشفاعة وغيرها.

(تُسمَع)؛ أي: تُجَبْ، وهو مجزوم جوابًا للأمر؛ يعني: كلُّ ما تسألني اليومَ من أمر الحساب والشفاعة فهو مقبولٌ في حضرتي كرامةً لك عندي.

قوله: "فيحدُّ لي حدًّا، فأُدخلُهم الجنةَ"؛ أي: يُعين لي حدًّا معلومًا؛ يعني: يبين لي في الشفاعة حدًّا معلومًا بحيث لا أَتجاوزُ عنه، كما يقال: اشفَعْ في حقَّ قومٍ محبوسين موصوفين بصفاتٍ منهم تاركو الصلاةِ، ومنهم تاركو الزكاةِ، ومنهم تاركو الصومِ، ومثهم شاربو الخمرِ، ومنهم الزُّناة؛ فإنك إن تَشْفَعْ في حقِّهم اليومَ فأنتَ مُشفَّعٌ؛ أي: شفاعتُك مقبولةٌ.

اعلم أن شفاعةَ نبينا وجميع الأنبياء والملائكة - صلوات الله عليهم - والمؤمنين في حقِّ العُصَاة حقٌّ، لكنها موقوفةٌ بأمر الله - عز وجل -: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥].

وأما المعتزلةُ فقد أنكروا الشفاعةَ؛ لأن العملَ عندهم يوجب دخولَ الجنة فحسبُ، والعاصي إذا ماتَ غيرَ تائبٍ يُخلَّد في النار عندهم.

قوله: "حتى ما يبقى في النار إلا مَن قد حبسَه القرآنُ": إلا مَن منعَه حكمُ القرآن فيها، وهم الكفَّار، فإنهم مُخلَّدون فيها، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا} [البينة: ٦].

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>