للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعثه الله إلى أهل الأرض)؛ لأن الناسَ بعد بعث شيث عليه السلام رجعوا كفارًا إلا قليلًا، فبعث الله إليهم نوحًا عليه السلام.

قوله: "ويذكر خطيئته التي أصابَ؛ سؤالَه ربَّه بغير علمٍ".

(التي): موصول، و (أصاب): صلته، فيه ضمير نوح، والعائد إلى الموصول محذوف أي: أصابها، و (سؤاله): بدلٌ من الخطيئة بدلَ الكلِّ من الكلِّ إذا كان مَرويًا بالنصب أما إذا كان مَرويًا بالرفع فخبر مبتدأ محذوف، كأنه قيل: ما تلك الخطيئة؟ قال: هي سؤالُه ربَّه، و (ربَّه): مفعوله، و (بغير علم): حال من الضمير المجرور في (سؤاله)، وهو مرفوع في المعنى؛ لأنه فاعل المصدر، والمصدر عامل في فاعله.

قوله: "إني لستُ هُناكم، ويذكر ثلاثَ كذباتٍ كذبَهنَّ"، وشرح الكذبات الثلاث سيُذكر في موضعها إن شاء الله تعالى؛ يعني: يقول الخليل عليه السلام حالَ الاستشفاع منه: مالي منصبُ الشفاعة العامة، فإن غبار الكذب قد لوَّث ذيلي، ويذكر الكذباتِ الثلاثَ، ويُرسلهم إلى موسى عليه السلام، وإنما يدفع الشفاعةَ العامةَ عن نفسه نظرًا إلى صورة الكذبات، وإن كانت مستحبةً في المعنى كما سوف يُذكر في (أقسام الكذب)؛ لأن الكاملَ قد يُؤاخَذ بما هو عبادة في حقِّ غيره، كما قيل: حسناتُ الأبرارِ سيئاتُ المقرَّبين.

قوله: "فأستأذن على ربي في داره"، قال الخطابي رحمة الله عليه: أي: في داره التي دورها لأوليائه، وهي الجنة، كقوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ} [الأنعام: ١٢٧]، وكقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: ٢٥].

وكما يقال: بيتُ الله، وحَرَمُ الله؛ يريدون البيتَ الذي جعله الله مثابةً للناس، والحَرَمَ الذي جعله الله آمنًا لهم، ومثله: روحُ الله، على سبيل التفضيل له على سائر الأرواح، وإنما ذكر ذلك في ترتيب الكلام؛ لقوله - عز وجل -: {إِنَّ رَسُولَكُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>