ما فيها شِراءٌ ولا بَيعٌ إلَّا الصُّوَرَ منَ الرِّجالِ والنِّساءِ، فإذا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فيها"، غريب.
قوله: "إن في الجنة لسوقًا ما فيها شراءٌ ولا بيعٌ إلا الصُّوَرَ من الرجال والنساء"، الحديث.
الضمير في (فيها) الأول يعود إلى (السوق)؛ لأنه مؤنث سماعي، والضمير في (فيها) الثاني يعود إلى (الصُّوَرَ).
يحتمل أن يريد بـ (الصُّوَر): الجمال للشكل بالصُّوَر الحسنة، لو كان من الأعراض، كوزن الأعمال في الميزان، وكلاهما ليس بمُستبعَدٍ من قدرته تعالى.
فالحاصل: أن ما هو من أمور الآخرة العقلُ قد لا يهتدي إليه، والنقلُ مُتَّبعٌ، فإذا ثبت هذا فقد عُرض على المؤمن في تلك السوق الصورُ المستحسنة، فإذا اشتهى أن تكون صورتُه مثل صورةٍ من تلكَ الصُّوَر، صيَّره الله تعالى على تلك الصورة المشتهاة بقدرته القديمة تعالى.
وقيل: يريد بـ (الصور): الزينة التي تعطي الجمالَ مَن يتزيَّن بها، وتلك عبارة عن الثياب النفيسة والتيجان المكلَّلة، وغير ذلك مما يتزيَّن الشخص به، وعلى هذا المراد بـ (الدخول): التزيُّن بها.
* * *
٤٣٨١ - عن سعيدِ بن المُسَيبِ - رضي الله عنهما -: أنَّهُ لَقِيَ أبا هُريرَةَ - رضي الله عنه -، فقالَ أبو هُريرة: أَسْألُ الله أنْ يَجْمَعَ بينِي وبينَكَ في سُوقِ الجَنَّةِ، فقالَ سعيدٌ: أَفِيْها سُوْقٌ؟ قالَ: نَعَم، أَخْبَرَنِي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ إذا دَخَلُوها نزلُوا فيها بفَضْلِ أَعْمالِهِمْ، ثُمَّ يُؤْذَنُ في مِقْدارِ يَوْمِ الجُمُعةِ منْ أيَّامِ الدُّنيا فيَزورُونَ رَبَّهم، وُيبْرِزُ لهُمْ عَرْشَهُ، ويَتَبَدَّى لهُمْ في رَوْضَةٍ منْ رِياضِ الجَنَّةِ، فيُوضَعُ لهُمْ منابرُ