قال ابن الأنباري: الغَسَّاق: باردٌ مُحرِق لا يُقدَر على شربه مِن بردِه، كما لا يُقدَر على شرب الحميم لحرارته.
قال السُّدَّي: هو ما يسيل من أعينهم من الدموع، يُسْقَونه مع الحميم، يقال: غَسَقَتْ عينُه: إذا سالت، تَغْسِق.
وقال غيره: هو ما يَغْسَقُ من جلود أهل النار من الصديد.
قال الإمام شهاب الدين التُّورِبشتي في "شرحه": وجدت في كتابِ جمعٍ من حُفَّاظ الحديث: "أهلَ الدنيا" مُقيدًا لامَه بالنصب، وليس ذلك بصوابٍ فإن (أنتن) لازم، يقال: نَتَنَ الشيءُ وأَنْتَنَ: إذا تغيَّر، وإنما الصواب:(أهلُ) بالرفع، ولو كان الفعل متعديًا كان المعنى أتمَّ وأوجهَ، فيحتمل أن الأصل فيه:(انتنَّ) بالتشديد، فلم يعرف بعضُ الرواة الفرقَ بين الكلمتين، فرواه:(أنتن)، هذا كلُّه منقولٌ من "شرحه".
يعني: لو صُبَّ دَلْوٌ من صديد أهل النار في أهل الدنيا لم يكن لأهلها قرارٌ ولا سكونٌ من نَتَنِه، فكيف حالُ من هذا طعامُه؟! أعاذنا الله منه بفضله.
* * *
٤٤١١ - عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ هذهِ الآيَة:{اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} قالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ أنَّ قَطْرةً منَ الزَّقُّومِ قَطَرتْ في دارِ الدُّنيا لأَفْسَدَتْ على أَهْلِ الأَرْضِ مَعَايشَهُمْ، فكَيْفَ بِمَنْ يكونُ طعامُهُ؟ "، صحيح.
قوله:"لو أن قطرةً من الزَّقُّوم قَطَرت في دار الدنيا"، الحديث.
(الزَّقُّوم): شجرة خبيثة، ثمره كريهة الطعم، يُكرَه أهلُ النار على تناوله، فهم يتزقَّمونه على أشد كراهية منهم، ومنه قوله: تَزَقَّمَ الطعامَ: إذا تناوَلَه على