الثاني، ووصفهم بالضعف ضد التكبُّر والتجبُّر، أو لأنهم استَضعفوا أنفسَهم متواضعين، كطلبهم على المسكنة والحياء فيها، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَحيني مسكينًا، وأَمِتْني مسكينًا".
قال في "شرح السُّنَّة": قوله: "إنما أنتِ رحمتي" سمَّى الجنةَ رحمةً؛ لأن بها تظهر رحمةُ الله على خلقه، كما قال:"أرحمُ بكِ مَن أشاء"، وإلا فرحمةُ الله تعالى صفةٌ من صفاته التي لم يزل بها موصوفًا، ليس لله صفةً حادثةً، والاسمُ حادثٌ، فهو قديمٌ بجميع أسمائه وصفاته، جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه وتعالى جَدَّه.
وقال أيضًا في "شرح السُّنَّة": القَدَم والرِّجل المذكورتانِ في الحديث من صفات الله تعالى المنزَّه عن التشبيه والتكييف، وكذلك كلُّ ما جاء من هذا القبيل في الكتاب أو السُّنَّة، كاليد والإصبع والعين والمجيء والإتيان والنزول؛ فالإيمانُ بها فرضٌ، والامتناعُ من الخوض فيها واجبٌ، والمهتدِي مَن سلك فيها طريقَ التسليم، والخائضُ زائغٌ، والمُنكِرُ مُعطِّلٌ، والمُكيفُ مُشبهٌ تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.
وقيل: وضعُ القَدَم والرِّجل من باب المجاز والاتساع، ولم يُرِدْ بهما أعيانَهما، بل أراد بذلك ما يَدفع شدتَها ويُسكِّن سورتَها ويقطع مسألتَها.
"قَطْ": بفتح القاف وسكون الطاء، معناه: حَسْبُ.
قوله:"ويُزوَى بعضُها إلى بعض"؛ أي: يجتمع بعضُ النار إلى بعض، من زَويتُ الشيءَ: إذا جمعتُه وقبضتُه؛ يعني: ينضم بعضُها إلى بعض من غاية الامتلاء، تصديقًا لقوله تعالى:{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة: ١٣].
قوله "فلا يَظلِم الله مِن خلقِه أحدًا"؛ يعني: كلُّ واحدٍ من الناس مَجزيٌّ