فرض المحال عن مقامي المعلوم الذي أُمِرْتُ أن أعبدَ الله سبحانه وتعالى ثمَّةَ وهو في السماء؛ لاحترقتُ وهلكتُ.
والدليل على هذا: قولُه تعالى حكايةً عن قول الملائكة: {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ}[الصافات: ١٦٤]، فلهذا إذا سئل ارتعد خوفًا من الله سبحانه.
وهذا الحديث دليلٌ على حقيقة رؤية الله سبحانه وتعالى في دار البقاء، فإنه إذا كانت مستحيلةً لما سألَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عنها.
* * *
٤٤٥٨ - عَنِ ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله خَلَقَ إسْرافيلَ مُنْذُ يَومَ خَلَقَهُ صَافًّا قَدمَيْهِ لا يَرْفَعُ بَصَرَه، بَيْنَهُ وبَيْنَ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعالَى سَبْعُونَ نُورًا، مَا مِنْها مِنْ نُورٍ يَدْنُو مِنهُ إلَّا احتَرقَ"، صَحَّ.
قوله:"منذ يومَ خلَقَه صافًّا قدميه"(منذ) ها هنا حرفُ جر، وهو بمعنى (في)، و (صافًّا) نصب على الحال من الضمير المنصوب في (خلقه)، و (قدميه) مفعولُه.
* * *
٤٤٥٩ - عَنْ جَابرٍ - رضي الله عنه -: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لَمَّا خَلَقَ الله تعالى آدمَ وذُرِّيَّتَهُ قَالَتِ المَلائِكةُ: يَا ربِّ! خَلَقتَهُمْ يَأْكُلونَ ويَشْرَبُونَ ويَنْكِحُونَ ويَرْكَبُونَ، فَاجْعَلْ لَهمُ الدُّنيا ولَنَا الآخرة، قَالَ الله تَعَالَى: لَا أَجْعَلُ مَنْ خَلقْتُهُ بِيَديَّ، ونَفَخْتُ فيهِ مِنْ رُوحِي، كمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ، فَكَانَ".
قوله:"لا أَجعلُ من خَلَقْتُه بيديَّ، ونفخْتُ فيه من روحي كمن قلتُ له: كن فكان".