وقال في "شرح السنة": معناه: إيجازُ الكلامِ في إسباغ من المعاني، فالكلمة القليلةُ الحروفِ منها ما يتضمَّنُ كثيرًا من المعاني، وأنواعًا من الأحكام.
الإيجاز: مصدر أوجز الكلام إذا قصره، والإسباغُ: مصدر أسبغَ عليه النعمة إذا أتمَّها.
قوله:"رأيتني أُتيتُ بمفاتيح خزائنِ الأرض"، (رأيتني): من الرؤيا، اجتمعَ فيه ضميرُ الفاعل والمفعول، وهذا من خاصية أفعال القلوب؛ لأنه لا يستحيل اجتماعُ الفاعل والمفعول فيها، يقول: ظننتُني منطلِقًا، فالمفعولُ الأول متيقَّن، والثاني مظنونٌ، لأن المفعولَ الأول ذاتُك، ولا شكَّ لك في ذاتك، فإذا كان كذلك لم يجتمعْ ضميرا الفاعل والمفعول في الحقيقة، فحينئذ (رأيتني) بمعنى عَلِمْتُني.
(المفاتيح): جمع مِفْتَاح، وهو ما تُفتَحُ به الأبواب.
(الخزائن): جمع خزانة، قال في "الغريبين": الخِزَانة: عمل الخازن، أو الموضع، أو الوعاء الذي يُخْزَنُ فيه الشيء، مِن (خَزَنَ المال) إذا غيَّبَه.
قال في "شرح السنة": يحتملُ أن يكونَ هذا إشارةً إلى ما فُتِحَ لأمته وجنودِه من الخزائن، كخزائنِ كسرى وقيصر، ويحتملُ أن يكونَ المرادُ منه: معادنَ الأرض التي فيها الذهبُ والفضةُ وأنواعُ الفِلِزِّ؛ أي: ستُفْتَحُ البلدانُ التي فيها هذه المعادنُ والخزائنُ، فتكونُ لأمته.
قال أبو هريرة: ذهبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم تَنْشِلُونها، أي: تستَخْرِجُونَها، الفِلِزُّ: ما ينقِّيه الكِيرُ مما يذابُ من جواهر الأرض.
المعادِنُ: جمع مَعْدِن، مِن عدنْتُ البلدَ: توطَّنْتُه، وسُمِّيَ معدِنًا؛ لأن الناس يقيمون فيه الصَّيفَ والشتاءَ.