وقد بَشَّرَ عيسى عليه السلام بمجيئه إلى العالم، قال الله حكايةً عن قوله:{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}[الصف: ٦]، وأُمَّي حين ولدتني قد رَأَت أنه خرجَ منها نورٌ، أضاءت من ذلك النورِ لها قصورُ الشام لأجلها، وذلك النورُ عبارةٌ عن نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وكيف لا وقد أضاءت نبوته ما بين المشرق والمغرب واضمحل بها ظلمة الكفر والضلالة.
* * *
٤٤٨١ - عَنْ أَبي سَعِيْدٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا سيدُ ولَدِ آدمَ يَومَ القِيامَةِ ولا فَخْرَ، وبيَدِيْ لِواءُ الحمْدِ ولا فخرَ، ومَا منْ نَبيًّ يومَئذٍ آدمُ فمن سِواهُ إلَاّ تَحْتَ لِوائِي، وأَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنشقُّ عنهُ الأَرْضُ ولا فَخْرَ".
قوله:"وبيدي لواء الحمد ولا فخر ... "، الحديث.
اللَّواء - بكسر اللام وبالمد -: رايةُ الأمير، لكنه دون الأعلام والبنود، ذكره في "الصحاح".
سُمَّيَ لواءَ الحمد؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - يحمدُ الله تعالى في الحالة التي معه اللَّواءُ يومَ القيامة، حمدًا يليق بذاته سبحانه، على أن قرَّبه إليه، وفضَّلَه على جميع عباده الأنبياء والمرسَلين وغيرِهم، من أهل المَحْشر، وحوَّجَهم إلى أن يحضُروا تحت لوائه جَذِلين، وإلى شفاعته راغبين، بل مضطرين مُلْجَئين، وتواضعَ - صلى الله عليه وسلم - مع هذا الفَضْل والكمال.
وقال:"ولا فخر"؛ يعني ما لي مفاخرةٌ بذلك؛ يعني: لا أذكره مفاخرةً طبعًا كما هي عادةُ العرب، بل أذكُره لتعدُّدِ النَّعَم، لأنه مَحْضُ فَضْلِه وإنعامه علي.