للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٠ - عن درَّاج، عن أبي الهَيْثَم، عن أبي سعيد الخُدريِّ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُسلَّطُ على الكافرِ في قبْرِه تسعةٌ وتسعون تِنِّينًا تنْهَشُهُ وتَلْدغُه حتى تقومَ الساعةُ، لو أنَّ تِنِّينًا منها نَفَخ في الأَرضِ ما أنبتتْ خَضْراء".

قوله: "يُسلَّط": هذا فعل مضارع مجهول من التسليط، وهو أن يُجعَل أحدٌ مُوكَّلاً على أحدٍ ليعذِّبَه ويُؤذِيَه.

(التنِّين) بتشديد النون الأولى: نوعٌ من الحياتِ كثيرُ السم، (نَهَشَ) و (لَدَغَ) كلاهما بفتح العين في الماضي والغابر، ومعناهما واحد في اللغة، وذِكرُ كلا اللفظَين هنا؛ إما للتأكيد، أو لبيان أنواع العذاب؛ لأنه ربما يكون النَّهشُ أشدَّ ألمًا من اللَّدغ، أو بالعكس.

"حتى تقوم الساعة"؛ أي: حتى يجيءَ يومُ القيامة.

قوله: "لو أن تنِّينًا منها نفخَ في الأرض لَمَا أنبتت خضراءَ": يصف شدةَ سمِّه وحرارةَ فمِه؛ يعني: لو وصلَ ريحُ فمِه وحرارتُه في الأرض ما أنبتت خضراءَ واحترقت الأرضُ من حرارته، بحيث لا ينبت في الأرض نباتٌ أخضرُ، ولم يبقَ في الأرض نباتٌ أو شجرٌ أخضرُ، وتقييد (التنِّين) بـ (تسعة وتسعين) اختُلف فيه؛ فالأصح أنه إنمَّا قيَّد رسولُ الله - عليه السلام - بتسعة وتسعين لحكمةٍ عَلِمَها هو - عليه السلام - بطريق الوحي، ولم يعرفها غيره، وهذا كتقييده - عليه السلام - الاستغفارَ بسبعين مرةً أو بمئةِ مرةٍ وغير ذلك من الأعداد.

وقيل: إنما قيَّده بتسعة وتسعين؛ لأن لله تعالى تسعةً وتسعين اسمًا، كلُّ اسمٍ مأخوذٌ من صفةٍ، كالرحمن والرحيم والملك، ويأتي بحثه في موضعه إن شاء الله تعالى.

والكافرُ أَنكرَ هذه الأسماءَ وهذه الصفاتِ وأَشركَ بمَن له هذه الأسماءُ، فوُكِّلَ عليه بعدد كل اسم منها تنيَّنٌ، وحصل للمؤمنين بعدد كل اسم منها أقرَّ به رحمةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>