للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٩ - وعن عُثمان - رضي الله عنه - قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا فرَغَ منْ دَفْنِ الميِّتِ وقفَ عليه فقال: "استَغْفِرُوا لأخيكم، ثمَّ سَلُوا له بالتثبيت، فإنه الآنَ يُسْأَل".

قوله: "وقف عليه"؛ أي: وَقَفَ على رأس القبر.

"استَغْفِرُوا لأخيكم"؛ أي: اطلُبُوا المغفرةَ من الله تعالى لهذا الميت، "ثم سَلُوا"؛ أي: اسألوا واطلبوا من الله تعالى أن يُثبَّتَ لسانَه بجواب المُنكَر والنكير؛ فإنهما يَسألانِه في هذه الساعة.

وهذا الحديثُ يدل على أن دعاءَ الحيَّ ينفع الميتَ، وعلى أنه يُستحبُّ للأحياء أن يدعوا للأموات، وعلى أن سائرَ المسلمين بعضُهم أخو بعضٍ.

وهذا الحديث لا يدل على تلقين الميت عند الدفن كما هو عادة الناس؛ لأنه ليس في هذا الحديث لفظٌ يدل عليه (١)، ولم نجد أيضًا حديثًا مشهورًا فيه.

وأورد الغزالي في كتاب "إحياء العلوم" والإمام الطبري في كتابه المُسمَّى بـ "كتاب الأدعية" حديثًا في تلقين الميت عند الدفن؛ ولم يُصحِّحه بعضُ المحدَّثين.

وأما قوله عليه السلام: "لقَّنُوا أمواتَكم قولَ لا إله إلا الله" فالمراد بهذا قبلَ الموت لا بعد الموت، أما لو لَقَّنَ أحدٌ الميتَ عند الدفن لم يكن فيه حرجٌ؛ لأنه ليس فيه إلا ذكرُ الله تعالى، وعرض الاعتقاد على الميت والحاضرين، والدعاءُ للميت وللمسلمين، ويكون فيه إرغام لمُنكِري الحشر والبعث وأحوال القيامة؛ وكلُّ ذلك حسنٌ.

* * *


(١) كذا في جميع النسخ، ولعل مراد الشارح: أن الحديث يدل على تلقين الميت عند الدفن، لتستقيم هذه الجملة مع ما بعدها، أو: أن يقوَّم ما بعد هذه الجملة عليها، لِتتفق مع الصواب الذي عليه جمهور العلماء من عدم استحباب تلقين الميت عند الدفن، وأن المراد بالتلقين ما كان قبل الموت، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>