الخلاء، وكان يخلو بغار حراء" إلى قوله: "وأخبرها الخبر".
قال في "شرح السنة": فَلَقُ الصبح، وفَرَقُ الصبح: ضوؤه إذا انفلق، ومنه قوله تعالى:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}[الفلق: ١].
قال الإمام التُّورِبشْتي في "شرحه": (الفَلَق) بالتحريك: هو الصبح بعينه، قال ذو الرُّمَّة:
حتى إذا [ما] انجلى عن وجهه فلق
وإنما أضافه إلى الصبح لاختلاف اللفظين، وحسُنت هذه الإضافة لكون الفلق من الألفاظ المشتركة، يقال للخلق: الفلق، وللمطمئنِّ من الأرض: الفلق، كأنما شبهها بالفلق لإنارتها وإضاءتها وصحتها، هذا كله لفظ الإمام.
"ثم حبب إليه الخلاء"، (ثم): للتعقيب مع التراخي؛ يعني: بعدما رأى - صلى الله عليه وسلم - هذه الرؤيا حبب إليه الخلوةُ والعزلة عن الناس، وكان يخلو بغار حراء.
الغار والغارة والمغارة: الكهف في الجبل.
قال في "شرح السنة": و (حراء): جبل بمكة، وهي مكسورة الحاء مفتوحة الراء ممدودة.
قال الخطابي: وأصحاب الحديث يَقْصُرونه، وأكثرهم يفتحون الحاء، ويكسرون الراء، سمعت أبا عمر [الزاهد] يقول: حراء: اسم على ثلاثة أحرف، وأصحاب الحديث يغلطون فيه في ثلاثة مواضع: يفتحون الحاء وهي مكسورة، ويكسرون الراء وهي مفتوحة، ويقصرون الألف وهي ممدودة، وأنشد:
وراق ليَرْقَى في حراء ونازل
هذا كله لفظ الخطابي.
ويجوز منع الصرف في (حراء) نظرًا إلى التأنيث، ويجوز صرفه نظرًا إلى التذكير.