"زمَّله" في ثوبه؛ أي: لفَّه، وتزمَّل بثيابه؛ أي: تدثَّر، وأصل المدَّثر: المتدثر، فقلبت التاء دالاً، وأدغمت الدال في الدال.
"حمِي" بالكسر: إذا اشتد حرُّه، "تتابع" وتوالى: إذا جاء مرة بعد أخرى، ومعنى قوله:(ثم حمي الوحي وتتابع)؛ أي: بعد ذلك اشتد نزول الوحي من عند الله سبحانه متتابعًا، بحيث ما انقطع إلى أن قبض روحي.
* * *
٤٥٥٨ - عَنْ عَائِشَةَ رَضيَ الله عَنْها: أنَّ الحَارِثَ بن هِشامٍ - رضي الله عنه - سَألَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَال: يا رَسُوْلَ الله! كيفَ يأتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحْيانًا يأْتِيني مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهوَ أَشَدُّهُ عَليَّ، فَيُفْصِمُ عنِّي وقدْ وَعَيْتُ عنهُ ما قَالَ، وأحْيانًا يَتمثَّلُ لي المَلَكُ رجُلاً فيُكلِّمُني فأعِي ما يقولُ"، قالت عَائِشَةُ رَضيَ الله عَنْها: ولقدْ رأيتُهُ يَنزِلُ عليهِ الوَحْيُ في اليومِ الشَّديدِ البرْدِ، فيَفْصِمُ عَنهُ وإنَّ جَبينَهُ ليَتَفَصَّدُ عَرَقًا.
قوله:"كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.: أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس" الحديث.
"كيف": سؤال عن الحال.
"الأحيان": جمع حين، وهو الزمان، وهي نصب على الظرف.
قال في "شرح السنة": "الصلصلة": صوت الحديد إذا حرك.
قال أبو سليمان الخطابي: يريد - والله أعلم - أنه صوت متدارك، يسمعه ولا يتثبَّته عند أول ما يَقْرع سَمْعَه حتى يتفهَّم ويستثبت، فيتلقفه حينئذ ويعيه، ولذلك قال:"وهو أشده علي".