واعلم أن شقَّ صدره - صلى الله عليه وسلم - صُوري، وسببه: أنه أراد الله سبحانه وتعالى أن يقدس قلبه وينوِّره بأنوار ألطاف جلاله، تحصيلًا لكمال الاستعداد حال الطفولة، وتهييئًا لقبول الوحي القديم السماوي، فتصير نفسه قدسية ملكوتية؛ لكونها منقادة للقلب، فكانت قابلة للأنوار الإلهية التي جعلت في القلب، فأرسل إليه جبريل صلوات الله عليهما، حتى شق صدره، فأخرج منه علقة، وهي التي تكون أمَّ المفاسد والمعاصي في الإنسان.
فلهذا قال بعدما أخرجه:"هذا حظ الشيطان"، ثم غسل قلبه بماء زمزم، فينبغي أن لا يستبعد عن الشق الصوري، فإن شأنه أعلى وأجلُّ أن تقيس نفسَه - صلى الله عليه وسلم - على نفسك، فإنه لا غير ذلك في حقه، كما قال في صفة نفسه:"إلا أن الله أعانني عليه فأسلم"، مع أن النفس مجبولة على الكفر والضلال، وكذلك معراجه الذي هو جسماني خارجٌ عن قياسك وعقلك.
فإذا عرفت هذا؛ فاعرف أن هذا الحديث وأمثاله ينبغي أن تؤمن بظاهرها، ولا تتعرض لها بتأويل متكلف، بل تُحيل إلى قدرة الله القادر الحكيم، فإنه تعالى على كل شيء قدير.
* * *
٤٥٦٧ - وعن جَابرِ بن سَمُرة - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي لأَعرِفُ حَجَرًا بمكَّةَ كانَ يُسَلِّمُ عليَّ قبلَ أنْ أُبعَثَ، إنَّي لأَعرِفُهُ الآن".
قوله: "إني لأعرف حجرًا بمكة، كان يسلم عليّ قبل أن أبعث، إني