خرق العادة انشقاقَ القمر شقين بإشارته إليه، بحيث أنه كان جبل حراء مرئيًا بين الشقين.
قال تاج القراء في "تفسير اللباب": سأل أهلُ مكة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - آية، فانشق القمر بمكة مرتين، وعلى هذا جلُّ المفسرين، ورواه مسلم والبخاري في "صحيحيهما".
قال في "شرح السنة": قال جماعة من المنكرين على هذا الحديث: هذا أمر عجيب، ولو كان له حقيقةٌ لم يَخْفَ ذلك على العوام، ولتناقلته القرون، ولخلِّد ذكره في الكتب، وذكره أهل العناية بالسير والتواريخ.
قيل لهم: هذا شيءٌ طلبه قومٌ خاضٌّ على ما حكاه أنس، فأراهم ذلك ليلًا وأكثر الناس نيام ومستكنُّون بالأبنية، والأيقاظ في الصحارى والبوادي قد يتفق أن يكونوا مشاغيل في ذلك الوقت، وقد يكسف القمر فلا يشعر به كثير من الناس.
وإنما كان ذلك في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر، ولو دامت هذه الآية حتى يشترك فيها العامة والخاصة ثم لم يؤمنوا لاستؤصلوا بالهلاك، فإنَّ من سننه - عز وجل - في الأمم قبلنا: أن نبيهم كان إذا أتى بآية عامة يدركها الحس، فلم يؤمنوا، أهلكوا، كما قال تعالى في المائدة:{إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ}[المائدة: ١١٥] وقال تعالى: {وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ}[الأنعام: ٨] نزل في هذا المعنى، فلم يظهر الله تعالى هذه الآية للعامة لهذه الحكمة، والله أعلم.
هذا كله منقولٌ من "شرح السنة".
والعجب من المنكر أن يخالف النص الصريح، وهو قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (١) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: ١، ٢]، قال