و (صَريفُ الأقلام): صَوتُها عند الكتابة وجريانها على اللَّوح وغيره، والأصل فيه: صوت البكرة عند الاستقاء، يقال:(صَرَفَتِ البَكَرَةُ تَصْرِفُ صَرِيفًا).
وقيل:(صَرِيفُ الأقلام) عبارةٌ عن التَّجَلِّي له - صلى الله عليه وسلم -، فما أُوحي إليه من غير واسطة جبريل وغيره من الملائكة، فإن القلمَ يُنبئ عن مكتوبات (١) علمه تعالى، وبه الاطلاع على علم الله سبحانه، قال الله - عز وجل -: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}[العلق: ٤]، وأراد به: أنه يُسمِعُه صريفَ القلم في الوحي إليه، كما سمع موسى عليه السلام في وحي التوراة إليه صريفَ الأقلام.
قال في "شرح السنة": قوله: (أسمع صريفَ الأقلام): يريد - والله أعلم -: ما تكتبه الملائكةُ من أقضية الله تعالى، وما ينسخونَهُ من اللوح المحفوظ.
وقال الإمام التوربشتي في "شرحه": وفي بعض طرق هذا الحديث: "حتى ظهرت المُسْتَوى"، (المُسْتَوى): المُنْتَصَبُ العَالي المرتفع، واللام في الروايتين: لام العاقبة؛ أي: إلى مُنتهى صُعوده إليه.
قوله:"فإذا فيها جَنَابذُ اللُّؤْلُؤِ، وإذا تُرابها المِسْكُ"، الضمير في (فيها) و (ترابها): يعود إلى الجنة.
و (الجَنَابذ): جمع جُنْبُذَة، وهي القبة الكبيرة، وهي معربة كُنْبَذ؛ يعني: في الجنة التي أُعِدَّت لِمَنْ آَمَنَ به قُبَابٌ من اللؤلؤ الشَّفْاف، وترابُها المسك.
* * *
٤٥٨٠ - عن عبدِ الله - رضي الله عنه - قَالَ: لمَّا أُسرِيَ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - انتُهِيَ بهِ إلى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وهيَ في السَّماءِ السَّادِسَة، إليها يَنتهِي ما يُعْرَجُ بهِ مِنَ الأَرضِ