٤٥٨٣ - وقَالَ البَراءُ بن عَازِبٍ لأِبي بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ! حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُما حِينَ سَرَيْتَ معَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أسْرَيْنا لَيْلَتَنا ومِنْ الغَدِ حتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهيرَةِ وخَلا الطَّريقُ لا يَمُرُّ فيهِ أَحَدٌ، فرُفِعَتْ لنا صَخْرةٌ طَويْلةٌ لَهَا ظِلٌّ لمْ تأتِ عليهِ الشَّمسُ، فنزَلْنا عِندَهُ، وسَوَّيتُ للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَكَانًا بيدِي يَنَامُ عليهِ، وبَسَطْتُ عليهِ فَرْوَةً، وقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ الله! وأَنَا أنفُضُ ما حَوْلَكَ، فنامَ، وخَرَجْتُ أنفُضُ ما حَوْلَهُ، فإِذَا أَنَا براعٍ مُقبلٍ، قُلْتُ: أفي غَنَمِكَ لَبن؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أفتحلِبُ لي؟ قَالَ: نَعَمْ، فأَخَذَ شَاةً فَحَلَبَ في قَعْبٍ كُثْبةً مِنْ لَبن، ومَعِي إِدَاوةٌ، حَمَلتُها للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَرْتَوِي فِيْهَا، يَشْرَبُ ويَتَوضَّأُ، فأتيْتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فوافَقْتُهُ حتَّى اسْتَيْقَظَ، فصَبَبْتُ مِنَ المَاءِ على اللَّبن حتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فقُلْتُ: اشرَبْ يَا رَسُولَ الله! فشَرِبَ حتَّى رَضيْتُ، ثُمَّ قَالَ: "ألَمْ يَأْنِ للرَّحِيلِ؟ "، قُلتُ: بَلَى، قال: فارْتحَلْنا بَعْدَ مَا مالَتِ الشَّمْسُ، واتَّبَعَنا سُراقَةُ بن مَالِكٍ، فَقُلْتُ: أُتِينا يَا رَسُولَ الله! فَقَالَ: "لا تَحزَنْ، إنَّ الله مَعنا"، فدَعَا عَلَيْهِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فارتَطَمَتْ بهِ فرَسُهُ إلى بَطنِها في جَلَدٍ مِنَ الأرْضِ، فَقَال: إِنِّي أَرَاكُمَا دَعُوتُما عَلَيَّ فادعُوَا لي، فالله لكُمَا أنْ أرُدَّ عنكُما الطَلَبَ، فدَعا لهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَجَا، فجَعَلَ لا يَلقَى أَحَدًا إلَاّ قَالَ: كُفيتُمْ مَا هُنَا، فلا يَلقَى أحدًا، إلَاّ ردَّهُ.
قوله: "حين سريتَ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، (سَرَى وأسرى): إذا ذهب بالليل.
قوله: "قام قائم الظهيرة"، (الظَهيرة والهَاجِرة): نصفُ النهار عند اشتدادِ الحَرِّ، يقال: أتيتُهُ حَرَّ الظَهيرَة: حين قامَ قائِمُ الظَّهيرة.
قوله: "فَرُفِعَتْ لنا صخرةٌ طويلةٌ"، قيل: وجدنا تلك الصخرةَ مرفوعة طويلة.
قوله: "وبَسَطْتُ عليه فَرْوَةً"، (الفروُ والفَرْوَةُ): ما يُلبس من جِلْدَ الضَّأن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute