للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنهم مَنْ يرويه: - بتقديم القاف على الفاء - من الوُقوف، والمعنى: صبرتُ عليه، وتوقَفْتُ في المَجيءِ إليه، حتى استيقظَ.

وأَرى الداخل إنما دَخَلَ على مَنْ يَرويه بـ (حتى) التي هي الغاية مِن قوله: "فكرهت أن أُوقظَهُ" فرأى أنه كان نائمًا، فوافقه على النوم، أو تأنى به حتى استيقظ.

والوجه فيه: أنه فارقَهُ وهو نائمٌ، فَقَدَّرَ الأمرَ في ذلك على ما فَارقَهُ عليه، فكَرِهَ إيقاظَهُ قبلَ المجيءِ إليه، فلمَّا أتاهُ كان الأمرُ على خِلاف ما تَوَهَّمَهُ، ووجدَهُ قد استيقظَ، هذا كله لفظ الإمام.

قوله: "فشربَ حتى رضيتُ"؛ أي: فشربَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك اللبن قَدْرَ ما رضيْتُ به، وهو الاكتفاء دون التمذق.

قوله: "أَلَمْ يَأَنِ الرَّحيل؟ ": آنَ يَأنُ: إذا دخل وقت الشيء، (الرَّحيل، والرِّحْلَة والارْتِحَال): الذهاب؛ يعني: أَمَا دَخَلَ وقتُ الذهاب؟

قوله: "فارتطَمَتْ به فرسُهُ إلى بَطنِها في جَلَدٍ": يقول: (ارْتَطَمَ في الوَحْلِ): إذا وقع فيه ونَشَبَ، بحيث لا يقدِرُ أن يخرجَ منه، و (الجَلَدُ): الأرضُ الصلبة.

قوله: "فالله لَكُما"؛ أي: فالله كفيل عليَّ لكما أني لا أهمُّ بعد ذلك بغدر لكما، وأنتما تذهبان بسلامة؛ لانقطاع الطلب لكما، ويجوز أن يريد: أنه تعالى ردني عنكما، وأعلمُ أن كل مَنْ قصدَكُما يَرُدُهُ الحقُّ تعالى، فاذهبا بأمنٍ لا خوفَ عليكما.

قوله: "فجعَلَ لا يَلقَى أحدًا ... " الحديث، (جَعَلَ)؛ أي: طَفِقَ، (يلقى)؛ أي: يبصر. (كُفِيْتُم)؛ أي: استغنيتم؛ يعني: وقفَ سراقةُ في ذلك المكان، وما وَصلَ إليه أحدٌ من المشركين للطلب إلا رَدَّهُ؛ وفاءً بما عَهَدَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>