وذَكَرَ في التفسير شيئَين: الجنة والداعي، ولم يذكر الباقيين؛ لتقدُّم ذكرهما؛ يعني: الدار الجنة، والباني: هو الله تعالى، والمأدُبة: طعام الجنة، والداعي: محمد رسول الله، فمَن أطاعَ محمدًا عليه السلام يدخل الجنةَ ويأكل طعامَ الجنة ويرضى الله تعالى عنه.
"ومن عَصَى محمدًا" رسولَ الله يكون بخلاف ذلك.
قوله:"محمدٌ فَرَقَ بين الناس"، (فرَقَ): فعلٌ ماضٍ؛ يعني: محمدٌ ميَّز وفصَل بين الحق والباطل، والكفر والإسلام، والحلال والحرام، وفي بعض النسخ:"فَرْقٌ بين الناس" بسكون الراء وضم القاف، وهو مصدر بمعنى: الفارق.
* * *
١٠٦ - وعن أنَسٍ - رضي الله عنه - قال: جاءَ ثلاثةُ رهطٍ إلى أَزْواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يسأَلونَ عن عِبادةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا أُخبِرُوا كأنهم تَقالُّوها، فقالوا: أينَ نحنُ مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد غفَرَ الله لهُ ما تقدَّمَ مِنْ ذنبهِ وما تأخَّر؟ فقال أحدُهم: أمَّا أنا فأُصلِّي الليلَ أبدًا، وقال الآخر: أنا أصومُ النهارَ ولا أُفطِرْ، وقال الآخر: أنا أَعتزلُ النِّساءَ فلا أَتزوَّجُ أبدًا، فجاءَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إليهم فقال:"أنتمُ الذين قُلْتمْ كذا وكذا؟ أما والله إنَّي لأَخشاكم للهِ وأَتْقاكُم له، لكنَّي أَصُومُ وأُفطِرْ، وأُصلِّي وأَرقُدْ، وأتزوَّجُ النَّساءَ، فمَنْ رغبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي".
قوله:"جاء ثلاثة رَهْط"، (الرهط): الجماعة ما دون العشرة، (ثلاثة رهط)؛ أي: ثلاثة أَنْفُس، قيل: هم علي وعثمان بن مظعون وعبد الله بن رواحة، جاؤوا "إلى أزواج النبي - عليه السلام - يسألونهن عن" قَدْرِ "عبادة النبي عليه السلام"، وعن وظائفه من العبادات في كل يوم وليلة؛ حتى يفعلوا مثلَ ما يفعل