للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٩ - عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما مَثَلي ومَثَلُ ما بَعَثني الله بهِ كمثلِ رجُلٍ أتى قومًا فقال: يا قوم! إنَّي رأيتُ الجيشَ بعَينَيَّ، وإنَّي أنا النَّذيرُ العُريانُ، فالنَّجاءَ النَّجاءَ، فأطاعَهُ طائفةٌ مِنْ قومهِ فأدلَجوا، فانطلَقُوا على مَهَلِهِمْ، فَنَجَوا، وكذَّبتْ طائفةٌ منهم، فأصبحوا مكانَهُمْ فصبَّحَهُمُ الجيشُ فأهلكَهُمْ واجتاحَهُمْ، فذلك مثَلُ من أطاعَني فاتَّبعَ ما جئتُ بِهِ مِنَ الحقِّ، ومَثَلُ مَنْ عصاني وكذَّب بما جئت بهِ مِنَ الحقِّ".

قوله: "إنما مَثَلي ... " إلى آخره؛ يعني: أنا مبعوث لأُخوَّفَ الناسَ وأُعلِّمَهم بأن عذابَ الله تعالى نازلٌ على مَن لا يؤمن بي كـ "النذير العُريان"، وهو الذي يرى جيشًا يقصدون قومَه وقَرُبُوا منهم، ويخاف الرجلُ إن أتاهم ليخبرَهم يأتيهم الجيشُ قبلَه، فيقف عن بعيدٍ وينزع ثوبه ويشير إليهم بثوبه، ويناديهم: إن جيشًا قصدوكم وقربوا منكم ففِرُّوا، (النذير) بمعنى: المُنذِر، وهو المُعلِّم مع التخويف.

"فالنَّجاءَ" مصدر بمعنى: الإسراع، ويجوز أن يكون مقصورًا وممدودًا، وتقديره: انجوا نجاءً؛ أي: أسرِعوا الإسراعَ في الفرار، وفي بعض النسخ: "فالنَّجا" مرتين، وفي بعضها مرة واحدة، وفي "شرح السُّنة" وأكثرِ الروايات مرة واحدة.

قوله: "فأطاعه طائفة"؛ أي: فأطاعَ النذيرَ العُريانَ طائفةٌ "من قومه"، فصدَّقوه مرةً واحدةً، ففرُّوا من العدو ونَجَوا، وكذَّبه طائفةٌ فلم يفرُّوا وأقاموا بمكانهم، فأتاهم الجيشُ فأهلكَهم، فكذلك مَن صدَّق النبيَّ - عليه السلام - وآمَنَ بما يأمر به، فينجو مِن عذاب الله تعالى، ومَن كذَّبه يُخلَّد في نار جهنم.

(الإدلاج): المشي في أول الليل، و (المَهَل) بفتح الميم والهاء: السكون والتأنَّي.

<<  <  ج: ص:  >  >>