شَاةً، فطَلبَهُ الرَّاعِي حتَّى انتزَعَها منهُ، قَالَ: فصَعِدَ الذَّئبُ على تَلًّ فأقْعَى واستَقَّر وقال: عَمَدتُ إلى رِزْقٍ رَزَقَنِيهِ الله أَخَذْتُهُ ثمَّ انتزَعْتَهُ منِّي؟ فقالَ الرَّجلُ: تالله إنْ رأيتُ كاليومِ! ذِئبٌ يَتكلَّمُ؟ فقالَ الذِّئبُ: أَعجَبُ منْ هذا رَجُلٌ في النَّخَلاتِ بينَ الحَرَّتَيْنِ يُخْبرُكُم بِمَا مَضَى وبمَا هوَ كَائِنٌ بعدَكُمْ، قال: وكَانَ الرَّجُلُ يَهُودِيًا، فجَاءَ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأخبرَهُ وأسلَمَ، فصَدَّقَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّها أَمَاراتٌ بينَ يَدَي السَّاعَةِ، فقد أَوْشَكَ الرَّجُلُ أنْ يَخرُجَ فلا يَرجِعَ حتَّى تُحدِّثَهُ نَعْلاهُ وسَوْطُه بِمَا أَحدَثَ أَهْلُهُ بَعْدَهُ".
قوله:"فأقْعى واسَتَثْفَر"، (الإقعاء): أن يجلس على وِرْكيه, وينصبَ يديه، و (الاستثفار): إدخال ذَنبَه من بين أَلْيتيه كما هو عادة الكِلاب.
قوله:"تالله إنْ رأيتُ كاليومِ ذئبٌ يتكلَّم"، قال في "الفائق"؛ أي: ما رأيتُ أُعجوبة مثلَ أعجوبةِ اليوم، فحذف الموصوف، وأقيم الصفةَ مقامَه، ثم حذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله:"بين الحَّرتين"؛ أي: الحجرين، والحَرَّة: حجارة سُود بين جبلين.
* * *
٤٦٤٤ - عَنْ أبي العَلاءِ عَنْ سَمُرَةَ بن جُنْدَبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كُنَّا معَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نتَداول منْ قَصْعَةٍ مِنْ غُدْوَةٍ حتَّى اللَّيلِ، تَقُومُ عَشَرة وتَقْعُدُ عَشَرةٌ، قُلنا: فَمَا كانتْ تُمَدُّ؟! قَالَ: منْ أيِّ شَيءٍ تَعْجَبُ؟ ما كانتْ تُمَدُّ إِلَاّ مِنْ هَا هُنَا، وأَشَارَ بيدِهِ إِلى السَّماءِ.
قوله:"كنَّا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نَتَداوَلُ من قَصْعَة، مِنْ غَدْوة حتى الليل"؛ أي: نتناوب بأكل الطعام منها طولَ النهار.
قوله:"فما كانت تُمَدُّ"؛ أي: مِنْ أين تُمَدُّ؛ أي: تُزاد القَصْعة من الطعام؟