وقال عكرمة: يريد بهم فارسَ والروم؛ يعني: بالغ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في انقياد فارسٍ للإسلام والإيمان، وقال:"لو كانَ الإيمانُ معلَّقًا بالثُّريا"؛ يعني: بعيدًا في غاية البُعد. ضَرَبَ المَثَلَ ليتناوله ويصل إليه رجلٌ من فارس.
* * *
٤٨٧٤ - عن أنسٍ - رضي الله عنه -، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ:"آيةُ الإيمانِ حُبُّ الأَنْصارِ، وآيةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأَنْصارِ".
قوله:"آيةُ الإيمانِ حُبُّ الأنصار، وآيةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنصار"، قيل: وإنما كان كذلك لأنهم {تَبَوَّءُوا الدَّارَ}؛ أي: توطَّنُوا الدار؛ أي: المدينة، اتخذوها دار الهجرة، {وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}[الحشر: ٩]؛ أي: أسلموا في ديارهم، وآثَرُوا الإيمان، وتبوؤوا المساجد قبل قُدوم النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فمن أحبَّهم فذلك من كمال إيمانهم، ومَنْ أبغضهم فذلك من علامة نفاقهم.
* * *
٤٨٧٦ - عن أَنَسٍ - رضي الله عنه -: أنَّ ناسًا مِن الأَنْصارِ قالوا حينَ أفاءَ الله على رسولِهِ مِن أموالِ هَوَازِن ما أفاءَ، فطَفِقَ يُعْطِي رِجالًا مِن قُرَيشٍ المِئَةَ مِن الإِبلِ، فقالوا: يَغْفِرُ الله لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، يُعطِي قُرَيشًا ويَدَعُنا وسُيُوفُنا تَقْطرُ مِن دِمائِهم؟ فحُدِّثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بمَقَالَتِهم، فأَرْسَلَ إلى الأَنْصارِ فَجَمَعَهم في قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ ولَمْ يَدْعُ معَهم أَحَدًا غيرَهم، فلمَّا اجتَمَعُوا جاءَهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالَ:"ما حَديثٌ بلغَني عَنْكم؟ "، فقالَ له فُقَهاؤُهم: أمَّا ذَوُو رَأْينَا يا رسولَ الله! فلَمْ يقولوا شيئًا، وأمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَديثةٌ أَسْنانُهم قالوا: يَغْفِرُ الله لرسولِ الله، يُعطي قُرَيشًا ويَدَعُ الأَنْصارَ وسُيُوفُنا تَقْطُرُ مِن دِمائِهم؟ فقالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنِّي أُعْطِي رِجالًا حديثي عهدٍ بكُفْرٍ أتأَلَّفُهم، أَمَا تَرْضَوْنَ أنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بالأَمْوالِ