للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعني: لكل نبي أصحاب مختارون صديقون يعملون بفعله وقوله ولا يخالفونه، ثم ذهب أولئك الأصحاب، وأتى بعدهم قوم سوء، وأصحاب شر وفساد، خالفوا وعصوا ذلك النبي، يفعلون ما لا يأمرهم نبيهم، و (يقولون) باللسان مدح أنفسهم، ويقولون: نحن صالحون ومتبعون (١) النبي عليه السلام، ولا يفعلون بما يقولون، بل يفعلون الفساد.

"فمن جاهدهم"، أي: حاربهم وآذاهم "بيده فهو مؤمن" وإن لم يقدر أن يحاربهم بيده فليحاربهم ويؤذيهم "بلسانه" ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فإن لم يقدر أن يؤذيهم بلسانه مخافة أن يقتلوه أو يؤذوه إيذاءً شديدًا فليحاربهم "بقلبه"؛ أي: فلينكرهم بقلبه، ولكن في قلبه غضب وتحرك من فعلهم القبيح ويقول: لو قدرت لحاربتهم.

قوله: "ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل"، (وراء ذلك)؛ أي: غير ذلك، و (ذلك) إشارة إلى جهادهم بالقلب.

يعني: من لم ينكرهم بقلبه بعد العجز عن جهادهم بيده ولسانه، فلم يكن حبة خردل من الإيمان؛ لأن المؤمن ينكر الكفر والعصيان، فمن لم ينكرهما فقد رضي بهما، والرضى بالكفر كفر.

والمراد بهذا الحديث: أنه كما كان لكل نبي حواريون ثم جاء من بعدهم قوم يخالفون ذلك النبي، فكذلك يكون في آخر الزمان من أمتي من يرتد عن الدين، ومن يضع البدعة والضلالة، فإذا وجدتموهم فحاربوهم بما قدرتم من اليد واللسان وإنكارهم بالقلب.

* * *


(١) في "ت" و"ق": "يتبعون"، ولعل الصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>