وقال بعض المفسرين: إن هذه الآية مستأنفة، ومعناها: ما أصابك يا محمد أو يا إنسان من حسنة أو من فَتْحٍ وغنيمة وراحة وصحة وكثرة مال وأولاد وعافية؛ فمن فضل الله، وما أصابك من سيئة؛ أي: من هزيمة في الغزو، أو من جوع وتلف مال ومرض فهو جزاء ما عملت من الذنوب.
قوله:"ضربوا كتابَ الله بعضَهُ ببعض"؛ (الضرب) ها هنا: الخلط، والضرب: الصرف أيضًا؛ يعني: خلط اليهودُ التوراة، والنصارى الإنجيلَ، (بعضَهُ ببعضٍ)؛ يعني: لم يميزوا بين المحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، بل حكموا في كلها حكمًا واحدًا.
ويحتمل أن يكون معناه: دفع أهل التوراة الإنجيل، وأهل الإنجيل التوراة، وكذلك دفع أهل التوراة ما لا يوافق مرادهم من التوراة، وكذلك أهل الإنجيل؛ يعني: لا تفعلوا يا أهل القرآن بالقرآن ما فعلت اليهود والنصارى بكتابهم.
قوله:"وإنما نزل كتابُ الله يصدِّق بعضه بعضًا"؛ يعني: الإنجيل بيَّن أن التوراة كلام الله وهو حق، والقرآن بيَّن أن جميع الكتب المنزلة من الله كلام الله أنزله بالحق على عباده، فإذا كان كذلك لا تكذبوا شيئًا منها، ولا تقولوا: هذا حق وذلك باطل، بل قولوا: كل ما أنزل الله على رسله حق.
قوله:"فما علمتم منه فقولوا"؛ يعني: ما علمتم معناه فقولوا، وما لم تعلموا معناه كالمتشابهات من القرآن وغيره، فلا تقولوا: إنه ليس بحق، ولا تقولوا فيه معنًى من تِلقاء أنفسكم، بل فاتركوه وفوضوه إلى عالمه، وهو الله تعالى، أو من هو أعلم منكم من العلماء.
واعلم أن كنية "عمرو بن شعيب": أبو إبراهيم، وجده: محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، فالضمير في (عن جده) إن رجع إلى (عمرو) فالحديث مرسل؛ لأنه يكون تقديره: روى عمرو بن شعيب، عن محمد، سمع رسول