وأما (المطَّلع): بتشديد الطاء فهو موضع الاطَّلاع، وهو رؤية شيءٍ وتفهُّم معنى شيء، يعني: لكل كلمة ولكل آية حكمٌ معلوم، وقصة معلومةٌ، ولها موضِعُ اطَّلاعِ الخواطر، وتَفَهُّم القلوب لمعانيها، وتَفهُّم معاني القرآن توفيقُ الله تعالى يُؤتيه من يشاء من عباده.
قال أبو الدرداء - رضي الله عنه -: لا تَفْقَهُ كلَّ الفِقْهِ حتى ترى للقرآن وجوهاً كثيرة؛ يعني: لا تكون فقيهًا كاملًا حتى تفهمَ مِن كل لفظٍ معانيَ كثيرة.
وقال بعض العلماء: أكثرُ أحاديثِ الرسول مستنبطَةٌ من القرآن، ولكن العلماء لا يعرِفُون مَأْخَذَها من القرآن.
* * *
١٨٢ - وقال:"العِلْمُ ثلاثةٌ: آيةٌ مُحْكَمَةٌ، أو سُنَّةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادِلَةٌ، وما كان سِوى ذلكَ فَهُوَ فَضْلٌ"، رواه عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -.
قوله:"العلم ثلاثة"، يعني: أصلُ علوم الدين ومسائل الشرع ثلاثة:
أحدها: آية مُحكَمة، يعني: كل حكم مذكور في القرآن، وليس بمنسوخ، ومعنى المُحْكَمة ههنا: غير المنسوخة.
الثاني: سُنَّةٌ قائمة؛ أي: حَديثٌ ثابثٌ صحيحٌ عند أصحاب الحديث غيرُ منسوخ.
الثالث: فريضةٌ عادلة، قيل: معنى الفريضة العادلة ما يجب العمل به من أحكام الشرع غير القرآن والحديث، وهو ما عليه إجماعُ المسلمين كالاعتقادات وبعضِ المسائل الفقهية.
سُمِّيَ هذا القسمُ فريضةً؛ لأنه يجبُ العمل به؛ لأنه إجماع، وسُمِّيَ: عادلة؛ لأن معنى العدل: المِثْل، ومعنى عادلة؛ أي: مساوية للقرآن والحديث في وجوبِ العمل بها، وفي كونها صدقًا وصوابًا؛ لأن الإجماع لا يكون خَطَأً.