للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن لم نقل: إن الصورةَ هنا بمعنى الصفة، ففيه إشكالٌ؛ لأن إطلاق الصورة على الله تعالى تشبيهٌ، ونعوذُ بالله من التشبيه.

فطريقه أن (١) نقول: الصورة هنا كالوجه في قوله تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧]، وكالمجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: ٢٢]، ونحو هذا كثير، ولا نتعرَّضُ لتأويله، بل نؤمن بكون هذه الأشياء حقًا، ونَكِلُ تأويله إلى الله تعالى.

قوله: "فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ " أي: قال لي ربي: قل يا محمد! فيم يختصم الملأ الأعلى؟ و (اختصم) و (تخاصم) بمعنى واحد، (الملأ): الجماعة، والمراد بالملأ هنا: الملائكة، وُصِفوا بالملأ الأعلى؛ لعلو مكانهم في السماوات، أو لعلو منزلتهم عند الله تعالى، ويأتي معنى اختصامهم بعد هذا.

قوله: "أنت أعلم أي رب"، (أي) بفتح الهمزة وسكون الياء بمعنى: يا، يقال: أي زيد! كما يقال: يا زيد!

يعني: لما سألني عن هذا السؤال ما كنت عالمًا بجوابه، فقلت: أنت أعلم، قلت هذا "مرتين"، فلما نظرَ إليَّ نظر الرحمة فتحَ في قلبي باب العلم، فعلمت ما في السماء والأرض، فلما ساءلني مرة أخرى، وقد فتح الله تعالى في قلبي علمَ ذلك وغيره، فأجبته فقلت: "في الكفارات".

قوله: "فوضع كفَّه بين كتفي"، معنى (كفه) كمعنى (يده)، وهذا ممَّا نَكِلُ علمَ كيفيته إلى الله تعالى، وغرضُ النبي - عليه السلام - من التلفظ بهذا بيانُ إنعام الله؛ لأن العادة جارية بأن من يتلطف بأحد يضع كفه بين كتفيه، ويقول له:


(١) في "ش": "والأولى".

<<  <  ج: ص:  >  >>