للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّاسُ يومَ الجمعةِ قبلَ الصَّلاةِ في المسجِدِ".

قوله: "نهى عن تناشُدِ الأشعارِ(التناشد): قراءة الشعر بعض القوم مع بعض.

التناشدُ منهيٌّ في المساجد، سواء كان شعرًا فيه إثمٌ أو لم يكن؛ فإن كان فيه إثمٌ فعِلَّةُ نهيه ظاهرة، وإن لم يكن فيه إثمٌ فعلةُ نهيه هي: أن العادةَ اجتماعُ النَّاس لقراءة الشعر ورفعُ الأصوات والتعصُّبُ والتباغضُ بين أولئك الجمع، يقول بعضهم: هذا الشعر جيد، ويقول بعضهم: ليس بجيد، وهذه الأشياء لا تليقُ في المساجد.

فإن قُرِئَ في المساجد شعرٌ ليس فيه إثمٌ، ولم يكن فيه تعصُّبٌ وتباغض وكثرة رفع الأصوات، جاز؛ لأنه قُرِيء الشعرُ بين يدي رسول الله - عليه السلام - في المسجد، ولم ينههم، وقد نهى عمر - رضي الله عنه - حسان بن ثابت عن إنشاد الشعر في المسجد في زمان خلافته مع أن حسانًا كان شاعرَ رسول الله عليه السلام، وإنما نهاه لما ذكرناه؛ لأنه لا يُراعى الأدبُ بعد رسول الله عليه السلام، كما يُراعى بحضرته عليه السلام (١).

قوله: "وأن يتحلَّقَ النَّاسُ يوم الجمعة قبل الصلاة", (التحلق): جلوسُ النَّاس في الحلقة، يتوجَّهُ بعضهم بعضًا (٢)، وإنما نهاهم - عليه السلام - عن التحلق؛ لأن القومَ إذا تحلَّقوا، فالغالبُ عليهم التكلمُ ورفع الصوت، وإذا كانوا كذلك لا يستمعون الخطبة، والناسُ مأمورون باستماع الخطبة والسكوت بحيثُ لا يسلِّمُ من دخل وقت الخطبة، ولو سلَّم أحدٌ لا يجاب.

* * *


(١) جاء على هامش "ش": "والبيع والاشتراء فيه، قال في "شرح السنة": كره قومٌ من أهل العلم البيعَ والشراءَ في المسجدِ".
(٢) أي: يواجه بعضهم بعضًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>