"السُّرُج": جمع سراج، وهو المصباح، والنهيُ عن الإسراج في القبور إنما كان لتضييع المال؛ لأنه لا نفعَ لأحد من السراج ثَمَّ، ويحتمل أن يكون النهيُ للاحتراز عن تعظيم القبور، كالنهي عن اتِّخاذِ القبور مساجد، فإن كان قبرٌ في مسجد أو غيره، ويجلسُ فيه الناسُ لتلاوة القرآن والذكر، لا بأسَ بوضع السراج ثَمَّ؛ لينتفع الجالسون بنوره.
* * *
٥٢٥/ م - عن أبي أُمامة الباهلي: أنَّ حَبْرًا من اليهود سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ البقاع خيرٌ؟ فسكت عنه، وقال: "اسكت حتى يجيء جبريلُ"، فسكت، فجاء جبريل عليه السلام، فسأله، فقال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، ولكن أَسألُ ربي تعالى، ثم قال جبريل: يَا محمد! إنِّي دنوتُ من الله دُنوًّا ما دنوَتُ منه قطُّ، قال: "كيف كان يَا جبريلُ؟ "، قال: كان بينه وبيني سبعون ألف حجابٍ من النور، فقال: "شرُّ البقاع أَسواقها، وخير البقاع مَساجدها"، في نسخةٍ: "بيني وبينه".
قوله: "أن حَبْرًا من اليهود"، (الحبر) بفتح الحاء وكسرها: العالم.
وذكر في "صحاح اللغة": أن (الحِبْر) بكسر الحاء أصحُّ من (الحَبْر) بفتح الحاء، ولكن المشهورَ في الاستعمال (الحَبْرُ) بفتح الحاء؛ ليكون بين الحَبْر - الذي هو بمعنى: العالم - والحِبْر - الذي هو بمعنى: المِداد - فرقٌ.
قوله: "أَسكتُ": هذا مضارع، والهمزة للمتكلم.
"ولكن أسألُ ربي"؛ أي: ولكن أرجع إلى حضرة ربي، وأسأله عن هذه المسألة.