للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيء من نفسه "فَلْيكظمْه"؛ أي: فَلْيدفَعْه بأن يضمَّ شفتَيه، أو يضعَ يدَه على فمه.

قوله: "فإن الشيطانَ يدخله"؛ يعني: فإن لم يدفعه عن نفسه يغلب عليه الشيطان بأن يجعلَه معتادًا به، وإذا اعتاد بهذا ولم يكرهه فيعتاد بالضرورة بما يحصل منه هذا الشيء، من النوم والغفلة وكثرة الأكل، وكلُّ ذلك من غلبة الشيطان.

ومعنى (دخول الشيطان في فيه) هنا: غلبته، بجعله إياه معتادًا بما هو مكروهٌ في الشرع، ويحتمل أن يدخل في فمه للوسوسة، وخصَّ دخولَه في الفم مع أن له القدرةَ على الدخول في الإنسان من كل موضع؛ لأن الفمَ انفتح بشيءٍ مكروهٍ للشرع، وكلُّ عضوِ صَدَرَ منه فعلٌ مكروهٌ لاللشرع ففيه طريقٌ للشيطان.

* * *

٧٠١ - وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عِفْريتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ البارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ صَلاتي، فَأَمْكَنَني الله مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَأرَدْتُ أَنْ أَرْبطَهُ إلى سارِيَةٍ مِنْ سَواري المَسْجدِ حَتَّى تَنْظُروا إلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخي سُلَيْمانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}، فَرَدَدْتُهُ خاسِئًا".

قوله: "إن عِفريتًا من الجن"، (العفريت): القوي الشرير.

"تفلَّت"؛ أي: فرَّ من الحبس، والمراد منه ههنا: أنه جاءني ليُوسوسَني ويشغلَني عن صلاتي.

"فأمكنني الله منه"؛ أي: قوَّاني وجعلني غالبًا عليه.

"السارية" الأُسطوانة، جمعها: سَوَارٍ بفتح السين.

قوله: "فذَكرتُ دعوةَ أخي سليمانَ عليه السلام"؛ يعني: كأن أخذَ الجن والحكمَ عليه لسليمان، وقد دعا سليمان - عليه السلام - ألا يكونَ لأحدٍ مُلكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>