قولها:"لمَّا بَدَّنَ رسولُ الله عليه السلام وَثقل كانَ أكثرُ صلاتِه جالسًا"، (بَدَّنَ) - بتشديد الدال -: إذا كَبرَ سِنُّه، وبَدُنَ - بتخفيف الدال وفتحها وضمها -: إذا كثر لحمُه وكلاهما مروي، ولكنَّ العلماءَ يختارون تشديد الدال؛ لأن رسول الله عليه السلام لم يوصفْ بكثرةِ اللحمِ حتى يقال فيه: بَدُنَ، بتخفيف الدال.
وأما قولُ عائشة في حديثٍ آخر:(لما ثَقُلَ رسولُ الله عليه السلام وأخذَ اللَّحْم)، قيل إنَّ الرجلَ إذا كَبرَ سِنُّه أَسَنَّ وأخذَ اللَّحْمَ حتى يُرى كأنه كثيرُ اللَّحْمِ، فعلى هذا التأويل يكون معنى كَثُرَ لحمُه: كَبرَ سِنُّه أيضًا، ومعنى ثَقُلَ هنا: ضَعُفَ.
قولها:"حتى كان أكثر صلاته"؛ أي: أكثرُ صلاتِه من النوافل جالسًا.
* * *
٨٥٥ - وقال عبد الله بن مَسْعود - رضي الله عنه -: لقد عرفتُ النَّظائرَ التي كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يقرِنُ بينهن - فذكر عشرينَ سورةً من أولِ المُفَصَّل على تأليفِ ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - سورتينِ في كلِّ ركعةٍ، آخرُهنَّ حم الدُّخان، وعمَّ يتساءلون.
قوله:"لقد عَرَفْتُ النَّظَائِرَ ... " إلى آخره، (النظائر): السُّورُ التي تماثِلُ بعضُها بعضًا في الطول والقصر، ونظيرُ الشيءِ: مِثْلُه.
"يَقْرِنُ بينهنَّ"؛ أي: يجمعُ بين السورتين في رَكْعةٍ على تأليف ابن مسعود، يعني: جمع ابن مسعودٍ القرآنَ على نسقٍ غيرِ النسقِ الذي جَمعَ عليه القرآنَ زيدُ بن ثابت بإذن أبي بكرٍ على خلافته، ورضيَ به عمرُ وعثمان وعليٌّ وجميعُ الصحابة، والترتيب الذي يقرأ الناسُ القرآنَ عليه ويكتبونه في المصاحف من عهد الصحابة إلى يومنا هو الترتيب الذي جَمَعَ عليه القرآنَ زيدُ بن ثابتٍ، ولا يُلْتَفت إلى جمعِ ابن