قوله:"وقاربوا"، قال المصنف أيضًا: معناه: لا تعجِّلُوا، بل كونوا على سكون في الشروعِ في الدِّين كي لا تُتعِبوا أنفسكم، وقيل معناه: الزَموا الوَسَطَ من غير إسراف وتقصير.
قوله:"وأَبْشِروا"؛ أي: افرَحُوا ولا تَحْزَنُوا، فإن الله تعالى كريمٌ يرضى عنكم بأداء فرائضه، ويعطيكم الثوابَ العظيمَ بالعملِ القليل.
قوله:"واستعينوا بالغَدْوة والرَّوْحَة وشيءٍ من الدُّلْجَة"، (الغُدْوَة): أولُ النهار، و (الرَّوْحَة): آخره، و (الدُّلْجَة): اسم من الادِّلَاج - بتشديد الدال - وهو السيرُ في آخر الليل، وقيل بل هي اسمٌ من الإدْلاج - بسكون الدال - وهو السيرُ في أول الليل، يعني: كما أن المسافرَ يقدِرُ على دوامِ المسافرةِ بأن يمشيَ في أولِ النهارِ إلى أن يمضيَ بعضُ النهار، ثم ينزل ويستريح ساعةً، ثم يمشي بعد العَصْر إلى اللَّيل، ثم ينزل ويستريح، ثم يمشي في آخر الليل، فكذلك العابد ينبغي أن يتعبَّدَ ساعةً، ثم يستريحَ ساعةً، وهكذا ساعةً فساعةً حتى لا يتعَب.
* * *
٨٨٩ - وقال:"مَنْ نامَ عن حزبهِ، أو عن شيءٍ منه فقرأهُ فيما بينَ صلاةِ الفجرِ وصلاةِ الظهرِ، كُتِبَ له كأنما قرأَه من الليلِ".
قوله:"من نام عن حزبه"، (الحِزْبُ): الوِرْدُ، يعني: منْ كان له وِرْدٌ في الليل من قراءةِ قَدْرٍ من القرآن، أو عددٍ من رَكَعَات الصلاةِ ولم يتيقَّظْ إلا وقتَ الصبحِ وفاتَه وِرْدُه، فإذا فعلَ وِرْدَه في النهار قبلَ الظُّهْرِ فكأنه فَعَلَه في الليل؛ لأنه معذورٌ لأنَّ النومَ ليس باختياره، وإنما خصَّ قبلَ الظهرِ بهذا الحكمِ لأنه متصلٌ