(أو) ههنا بمعنى (إلى أن) في قول، يعني: أرسلْناك لتبلغَ رسالتي، وليس لكَ من الهداية واللَّعنِ شيءٌ، بل اترك اللَّعْنَ واصبرْ لما يصيبُك إلى أن يتوبَ الله عليهم أو يعذِّبَهم، وليكنْ رضاك موافقًا لأمر الله تعالى وتقديره، لا تقلْ ولا تفعل شيئًا باختيارك.
* * *
٩١٤ - وقال عاصم الأَحوَلُ: سألتُ أنسَ بن مالكٍ - رضي الله عنه - عن القُنوتِ في الصلاةِ، كَانَ قبلَ الركوعِ أو بعدَه؟، قال: قبلَه، إنما قنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ الركوعِ شهرًا، إنه كَانَ بعثَ أُناسًا يقال لهم: القراءُ، سبعونَ رجلًا، فأُصيبوا، فقنتَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعدَ الركوعِ شهرًا يَدعو عليهم.
قوله:"كان قبل الركوع"، يعني: إذا فَرَغ من قراءةِ القرآنِ قرأَ القنوتَ، ثم ركَعَ، وبهذا قال أبو حنيفة.
قوله:"بعث أناسًا"، هؤلاء كانوا من أهل الصُّفَّة، يتعلَّمون العِلْمَ والقرآن، فجاء أبو عامر - الذي يقال له: ملاعِبُ الأسِنَّة قبلَ إسلامه - إلى رسول الله عليه السلام فقال: لو بعثتَ جماعةً إلى أهل نَجْدٍ ليدْعُوهم إلى الإسلام لاستجابوا، فقال رسول الله عليه السلام:"أخاف عليهم أهل نجد"، فبعثَ معه السبعين المُسَمَّين بالقراء، فنزلوا بئر مَعُونة، أخذَ حَرَام بن مِلْحَان كتابَ رسولِ الله عليه السلام، وهو من السبعين، وأتى عامرَ بن طُفَيل وعرضَ عليه كتابَ رسولِ الله عليه السلام فقالَ عامرٌ لأصحابه: أعينوني حتى أقتلَ هؤلاءِ المسلمين، فلم يُجِبْه أصحابُه، فاستعانَ بقبيلةِ عُصَيَّةَ ورِعْلٍ وذَكْوَان، والقَارَة، فأجابوه وجاؤوا إلى السبعين وقتلوهم كلَّهم إلا كعبَ بن زيد.