للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: "فكانت صلاته قَصْدًا، وخطبته قَصْدًا"، (القَصْدُ): الوَسَطُ، يعني: لم تكن طويلةً، ولا قصيرةً.

* * *

٩٨٦ - وقال عمار: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ طُولَ صلاةِ الرجلِ وقِصَرَ خُطبتِهِ مَئِنَّةٌ مِن فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصلاةَ وأقْصُروا الخُطبةَ، وإنَّ من البَيانِ لَسِحرًا".

قوله: "وقِصَرَ خُطْبتِه مَئِنَّةٌ مِن فِقْهِ الرَّجُل"، (مَئِنَّةٌ): أي: علامة، يعني: السُّنَّةُ قِصَرُ الخطبة وطولُ الصلاة، فمن فعلَ هذا ففِعْلُه يدلُّ على أنه عالمٌ فقيهٌ بالحديث.

وقول جابر: "وكانتْ صلاتُه وخطبتُه قَصْدًا"، ليس معناه أن صلاتَه كانت مثلَ خطبته؛ لأنه حينئذٍ يكونُ بين حديثِ جابرٍ وعَمَّارٍ تضادٌّ، بل معناه: كانت صلاتُه طويلةً، ولكن لم يجاوزْ في الطولِ حَدَّه، بحيث يحصلُ منها مَلالَةٌ، وكانت خطبتُه قصيرةً، ولكن لم تكن في القِصَرِ على حَدِّ النقصان.

وفرض الخُطْبَةِ خَمْسٌ: الحمدُ لله، والصلاةُ على رسول الله، والوعظُ بأيِّ لفظٍ كان، فهذه الثلاثةُ فريضةٌ في الخطبتين، والرابع: قراءةُ آيةٍ في الخطبة الأولى، والخامسُ الدعاءُ للمؤمنين في الخطبة الثانية.

قوله: "وإنَّ من البيانِ لسحرًا"؛ قيلَ: هذا ذمُّ تزيينِ الكلامِ وتغييرِه بعبارةٍ يتحيَّرُ فيه السامِعون، كما أن الناسَ يتحيَّرون بالسحر، والساحرُ يُرِي الناسَ شيئًا بصورةِ شيء، فكما أن السحرَ منهيٌّ، فكذلك تزيينُ الكلامِ بحيث يغلط الناس مَنْهِيٌّ.

وقيل: بل هذا مدحُ الفصاحة، يعني: أن الفصيحَ يجعلُ السامعَ مُحِبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>