فهو عذاب نحو:{أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا}[القمر: ١٩]، و {أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}[الذاريات: ٤١]، وكل ما كان بلفظ الجمع فهو رحمة نحو:{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}[الحجر: ٢٢] و {يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}[الروم: ٤٦].
(الصَّرْصَرُ): شديد البرد، (العَقِيْمُ): ما ليس فيه خير، (اللَّواقِحُ): جمع لاقِحة، وهي بمعنى مُلَقِّحَة؛ أي: تلقَّح الأشجار؛ أي: تجعلها حاملًا بالثمار، وهذا التفسير ليس بمستقيم؛ لأن في القرآن كثيرًا من الريح بلفظ المفرد، وليس بعذاب نحو قوله تعالى:{وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ}[يونس: ٢٢]، فثبت أنه لا فرق بين الريح والرياح، إلا إذا اتصل ذكر رحمة أو ذكر عذاب، وما في معناهما.
أما قوله عليه السلام:(اللهم اجعلها رياحًا، ولا تجعلها ريحًا) قال الخطابي: إنما قال رسول الله - عليه السلام - هذا؛ لأن الريح لو كانت مرة واحدة لا تلقح السحاب، فلا ينزل المطر، أو ينزل المطر، ولكن يكون قليلًا، وأما لو كانت الرياح كثيرة تُلُقِّحَ السَّحابَ، فيكون مطرها كثيرًا.
وقيل: معناه: لا تهلكنا بهذه الريح، وطوِّلْ أعمارنا حتى تمرَّ علينا رياحًا كثيرة؛ فإنك لو أهلكتنا بهذه الريح لكانت هذه الريح ريحًا لا تهُبُّ بعدها علينا ريحٌ أخرى، فتكون ريحًا لا رياحًا.
* * *
١٠٨١ - عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: إذا أَبصرْنا شيئًا من السماءِ - تعني السحابَ - تركَ عملَهُ، واستقبَلَهُ وقال:"اللهم إني أعوذُ بكَ من شرِّ ما فيهِ"، فإن كشَفَهُ الله حَمِدَ الله، وإن مطرَتْ قال:"اللهم سُقْيًا نافعًا".
قولها:"إذا أبصرنا شيئًا من السماء ناشئًا"؛ أي: سحابًا، سمي (ناشئًا)