إليها في عصر من الأعصار، فلذا قال تعالى: الصوم لي.
"وأنا أجزي به": وأتولى الجزاء عليه على قدر اختصاصه بي، فإن الصوم عمل خالص، قلَّما يطلع عليه غيرُ الله.
"يدع شهوته"، أي: يترك ما اشتهته نفسه من اللذات.
"وطعامه من أجلي، وقال: للصائم فرحتان": الفَرْحة: فَعْلة للمرة من الفرح.
"فرحة عند فطره"، وذلك إما سروره بالأكل والشرب؛ فإن نفس الإنسان تفرح بهما بعد الجوع والعطش, وإما سروره بما وُفِّقَ له من إتمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل.
"وفرحة عند لقاء ربه" يوم القيامة، وإعطائه جزاءَ صومه، يفرح فرحاً لا يبلغ أحد كنهه.
"ولخُلُوف فم الصائم" بضم الخاء المعجمة: ما تخلف بعد الطعام في الفم من رائحة كريهة؛ بخلاء المعدة، منه.
"أطيب"، أي: أرضى وأحب "عند الله من ريح المسك" عندكم؛ لأن رائحه فم الصائم من أثر الصوم، وهو عبادة يجزي الله تعالى بنفسه صاحبها.
"والصيام جنة"؛ أي: ترس يقي نفسه من المعاصي؛ لأنه يكسر الشهوة، فلا يوقع فيها، كما تقي الجنةُ السهمَ، أو هو جنة للصائم تقيه من النار.
"وإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفثُ"؛ أي: لا يتكلم بكلام قبيح.
"ولا يصخبْ": بالخاء المعجمة؛ أي: لا يرفع صوته بالهذيان، بل ليكن صائماً من جميع المناهي.