وقيل: هذا مخصوص بزمانه عليه الصَّلاة والسلام؛ لاطلاعه بنور الوحي [على] بواطن المتصفين بهذه الخصال، فأَعلمَ أصحابه نفاقهم؛ ليحترزوا عنهم، وإنَّما لم يعينهم حذراً عن الفتنة بأنَّ يلحقوا بالمحاربين.
* * *
٤٠ - وقال:"مَثَلُ المنافِقِ كمثَلِ الشَّاةِ العائرةِ بينَ الغَنميْنِ، تَعِيرُ إلى هذه مرَّةً، وإلى هذه مرَّةً"، رواه ابن عمر - رضي الله عنهما -.
"وعن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مثل المنافق كمثل الشَّاةِ العائِرَة": من (عار يعير): إذا تفرَّد وشرد.
"بين الغنمين؛ تعير إلى هذا مرَّة، وإلى هذه مرَّة": شبَّه - عليه الصَّلاة والسلام - تردَّدَ المنافقين بين الطائفتين من المؤمنين والمشركين تبعًا لهواه وقصداً لغرضه الفاسد بالشاة المترددة بين طائفتين من الغنم؛ طلباً للفحل، فلا يستقرُّ على حالة، ولا يثبت مع إحدى الطائفتين، وقد وصفهم الله تعالى بذلك فقال:{مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ}[النساء: ١٤٣]، وفي تشبيهه بالشاة من أعلى ذكره بالشناعة وأوفره، وهو من باب تشبيه المحسوس بالمحسوس بمعنى عقلي، وهو تشبيه مركَّب.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٤١ - عن صَفوان بن عسَّال - رضي الله عنه - قال: قال يهوديٌّ لصاحبهِ: اذْهَبْ بنا إلى هذا النبيِّ، فقال له صاحبهُ: لا تقُل: نبيّ، إنَّه لو سمعكَ لكان له أربعة أعيُن، فأتَيا رسولَ الله - صَلَّى الله عليه وسلم -، فسألاه عن تِسْعِ آياتٍ بيناتٍ، فقال لهما رسولُ الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: