للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

"فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يَسمعُ به، وبصرَه الذي يُبصر به، ويدَه الذي يَبطِشُ بها، ورِجلَه التي يمشي بها"، قيل: هذه أمثالٌ ضربَها، والمعنى: توفيقُه تعالى في أعماله التي يُباشرها بهذه الأعضاء؛ أي: يُيسِّر عليه فيها ما يحبُّه به، وَيعصمُه عن مواقعة ما يَكرهُه من إصغاءٍ إلى لهوٍ بسمعه، ونظرِ منهيٍّ ببصرِه، وبطشٍ لا يحلُّ بيدِه، وسعيٍ في باطلٍ برِجلِه.

وقيل: معناه: سرعة إجابة الدعاء وإنجاح الطلبة؛ أي: كنتُ أسرعَ إلى قضاء حوائجه مِن سمعِه في الاستماع، ومِن بصرِه في النظر، ومِن يدِه في اللمس، ومِن رِجلِه في المشيء وذلك لأن مَسَاعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربعة.

"وإنْ سألَني لأعطَينَّه، وإن استعاذَني لأعيذَنَّه، وما تردَّدت عن شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن نفس المؤمن"، المراد من إسناد التردُّد إلى الله تعالى: باعتبار غايته ومنتهاه، الذي هو التوفيق في الأمر، والتأنِّي وترك المُعاجَلَة؛ أي: ما توفَّقت توقُّفَ المتردِّد في أمر أنا فاعلُه إلا في قبضِ نفسِ المؤمن؛ فإني أتوقَّفُ فيه، وأَزيدُ ما أعددتُ له من النِّعَمِ والكرامات؛ حتى يميلَ قلبُه إلى الموت شوقًا إلى لقائي.

"يكره الموتَ": استئناف عمَّن قال: ما سببُ تردُّدك؟ أراد به: شدة الموت، لأن الموت نفسَه يُوصِل المؤمنَ إلى لقاء الله، فكيف يكرهُه المؤمُن؟ "وأنا أكَرَهُ مَساءتَه"؛ أي: إيذاءَهُ بما يلحقه من صعوبة الموت وكُرَبِه.

"ولابدَّ له"؛ أي: للعبد "منْه".

١٦٢٢ - وقال: "إنَّ للهِ ملائكة يَطُوفونَ في الطُّرُقِ يلتمِسُونَ أهلَ الذِّكرِ، فإذا وَجَدُوا قَومًا يذكرونَ الله تَنَادَوا: هَلُمُّوا إلى حاجَتِكُمْ، قال: فَيَحُفُّونَهم

<<  <  ج: ص:  >  >>