للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فخرج يونس - عليه السلام - من بينهم فظهر سحابٌ أسود ودَنَا حتى وقف فوق بلدهم فظهر منه دخانٌ، فلما أيقنوا أنه سينزل عليهم العذاب خرجوا مع أزواجهم وأولادهم ودوابهم إلى الصحراء، وفرقوا بين الأولاد والأمهات من الإنسان والدَّواب، ورفعوا أصواتهم بالتضرع والبكاء، وآمنوا وتابوا عن الكفر والعصيان، وقالوا: يا حيُّ حين لا حي، يا محيي الموتى، يا حيُّ لا إله إلا أنت، فأذهب الله عنهم العذاب.

فدنا يونس - عليه السلام - يومًا من بلدهم بعد ثلاثة أيامٍ ليعلم كيف حالهم، فرأى من البعد أن البلد معمور كما كان، وأهله أحياءٌ، فاستحى وقال: قد كنت قلت لهم: إن العذاب ينزل عليكم بعد ثلاثة أيامٍ، ولم ينزل، فذهب ولم يعلم أنه قد نزل عليهم ودُفِع عنهم، فسار حتى أتى سفينةً وركبها، فلما ركبها وَقَفَتْ السفينة، فبالغوا في إجرائها فلم تجر.

فقال الملاحون: هنا عبد آبقٌ فقرعوا بين أهل السفينة فخرجت القرعة على يونس، فقال: أنا العبد الآبق، فألقى نفسه في البحر، فالتقمه حوت بأمر الله، فأمر الله أن يحفظه، فلبث في بطنه أربعين يومًا، وسار به إلى النيل، ثم إلى بحر فارس، ثم إلى دجلة، فدعا يونس - عليه السلام - فقال: {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}؛ أي: أنا من الظالمين؛ بخروجي من بين قومي قبل أن تأذن لي به، فاستجاب الله له، وأمر الحوت بإلقائه إلى أرض نصيبين؛ اسم بلدةِ من بلاد الشام.

"لم يدع بها رجلٌ مسلمٌ في في شيءٍ إلا استجاب الله له".

<<  <  ج: ص:  >  >>