وآخِرَكم، وحَيَّكم ومَيتَكم، ورَطْبَكم ويابسَكم اجتمعُوا على أشقَى قلْبِ عبْدٍ مِن عبادي ما نقصَ ذلكَ من مُلْكي جَناحَ بَعُوضَةٍ، ولو أن أوَّلَكم وآخِرَكم، وجِنَّكُم وإنْسَكم، ورَطْبَكم ويابسَكم اجتمعُوا في صَعيدٍ واحدٍ، فسأَلَ كلُّ سائلٍ مِنكم ما بلغَتْ أُمنيَّتهُ، فأَعطيتُ كلَّ سائلٍ منكم مَسْأَلتَهُ ما نقَصَ ذلكَ مِن مُلْكي إلَاّ كما لو أن أحدَكم مَرَّ بالبَحْرِ، فغَمَسَ فيه إبرْةً، فَرفَعَها، ذلكَ بأَنِّي جَوادٌ ماجدٌ، أَفْعلُ ما أُريدُ، عطائي كلامٌ، وعَذابي كلامٌ، إنَّما أمري لشيءٍ إذا أردْتُ أنْ أقولَ لهُ: كُنْ، فيكونُ".
"وعن أبي ذرٍ - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يقول الله تعالى: يا عبادي! كلُّكم ضالٌّ إلا مَن هديتُه، فاسألوني الهدى أَهْدِكم، وكلُّكم فقراءُ إلا من أغنيت فاسالوني الرِّزْق أَرْزُقْكم، وكلكم مذنبٌ إلا مَن عافيتُ"؛ أي: إلا مَن أعْصِمُه من الأنبياء والصِّدِّيقين، فوضَع (عافيتُ) موضعَ (عَصَمْتُ)؛ ليشعر بأن الذنب مرضٌ ذاتيٌّ، وصِحَّتُه عصمةُ الله تعالى منه.
"فمن عَلِمَ منكم أني ذو قدرةٍ على المغفرةِ فاستغفرَني غفرتُ له ولا أُبالي، ولو أن أَوَّلَكم وآخرَكم وحيَّكم وميتَكم ورَطْبَكم ويابسَكم"؛ أراد بالرَّطْب: الصغائر، وباليابس: الكبائر، أو بالرَّطْب: الشجر، وباليابس: المَدَرَ والحَجَر، أو البحر والبر؛ أي: أهلَهما؛ أي: لو صار كل ما في البحر والبر من الشجر والحجَر والمَدَر والحيتان آدميًا.
"اجتمعُوا على أتقى قلبِ عبدٍ من عبادي ما زادَ ذلك في مُلكي جناحَ بعوضةٍ"، وقيل: جاز أن يرادَ برطْبكم ويابسكم: عالِمُكُم وجاهِلُكم، أو شابُّكم وشيخكم، أو مطيعُكم وعاصيكم.
"ولو أن أولَكم وآخرَكم وحيَّكم وميتكم ورطْبَكم ويابسَكم اجتمعوا على أشقى قلب عبدٍ من عبادي ما نقصَ ذلك من ملكي جناحَ بعوضةٍ، ولو أن