والإنْسِ والبَهائِم والهَوامِّ، فَبها يتعَاطَفُونَ، وبها يَتَراحمُونَ، وبها تَعطِفُ الوَحْشُ على وَلَدِها، وأخَّر تِسْعًا وتسعينَ رحمة يَرحَمُ بها عِبادَهُ يومَ القِيامةِ".
وفي روايةٍ: "فإذا كانَ يومُ القِيامةِ أكمَلَها بهذهِ الرَّحمةِ".
"وعنه عن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال: إن لله تعالى مئة رحمةٍ، أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهَوَامِّ"، رحمة الله غير متناهية فلا يُحيطُها التقسيم، وإنما أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يضرِبَ لأمته مثلًا فيعرفوا به التفاوت الذي بين قِسْط أهل الإيمان من الرحمة في الآخرة وبين قِسْط كافة المرحومين في الدنيا.
"فبها"؛ أي: بتلك الرحمة الواحدة.
"يتعاطَفون"؛ أي: يوصلُ الرأفة والشفقةَ بعضُهم إلى بعض.
"وبها يتراحمون، وبها تعطِفُ الوحشُ على وَلدِها"؛ يعني: كلُّ شفقةٍ ورحمةٍ تصِلُ من بني آدم إلى آدمى، وكذا من جنٍّ إلى جنيٍ، ومن الحيوان إلى آخر من جنسه، أو من غير جنسه كلُّ ذلك نتيجةُ تلك الرحمةِ الواحدة التي أنزلها بين خلقه.
"وأخَّر تسعًا وتسعين رحمةً يرحم بها عباده يوم القيامة".
"وفي رواية" سلمان: "إذا كان يومُ القيامة أكملَها"؛ أي: الرحمة الواحدة التي أنزلَها في الدنيا.
"بهذه الرحمة"، التي أخَّرها حتى يصيرَ المجموع مئة رحمة، فيرحم بها عباده من الأنبياء والمؤمنين، وفيه دليل على الإطماع في رحمته تعالى وعلى كثرتها.