وأَمرَ البرَّ، فجمَعِ ما فيهِ، ثم قالَ لهُ: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: مِن خَشْيَتِكَ يا ربِّ، وأنتَ أعلمُ! فغَفرَ لهُ".
"وعن أبي هريرة أنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: قال رجلٌ لم يعمل خيرًا قطُّ لأهله"، يُعلمَ منه: أن عمل الخير يتعدَّى منه إلى أهله وذوي قرابته، وأنه لم يعمل خيرًا لنفسه أيضًا؛ لأنه لو عمل لنفسه يتعدى منه إليهم.
"وفي روايةٍ: أسرفَ رجلٌ على نفسه"؛ أي: أكثرَ من الذنوب.
"فلمَّا حضره الموتُ أوصَى بنيه إذا ماتَ فحرقُوه، ثم اذرُوا نصفهَ"؛ أي: فَرِّقوا نصفَ رماده "في البر، ونصفَه في البحر، فوالله لئن قدرَ الله عليه"؛ يعني: لئن ضيَّق الله عليه الأمرَ بالمؤاخذة والمعاتبة.
"ليعذبنه عذابًا لا يعذبه أحدًا من العالمين، فلَّما مات فعلوا ما أمرهم فأمر الله البحرَ فجمع ما فيه، وأمر البرَ فجمع ما فيه، ثم قال له: لم فعلتَ هذا؟ قال: مِن خشيتك يا ربِّ، وأنت أعلمُ، فغفرَ له"، وإنما غفرَ الله له؛ لأنه ليس منكِرًا للبعث، بل من خشية البعث؛ جهلًا وظنا أنه إذا فعل ذلك تُرِك فلم ينشَر ولم يعذَّب.
* * *
١٦٩٧ - وقال عُمر بن الخَطَّاب - رضي الله عنه -: قَدِمَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ، فإذا امرأةٌ مِنَ السَّبْي قد تَحَلَّبَ ثَدْيُها تَسعَى، إذا وَجَدَتْ صبيًا في السَّبْي أخذَتْهُ، فأَلصَقَتْهُ ببَطْنِها، وأرضعَتْهُ، فقالَ لنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَتُرَوْنَ هذهِ طارِحَةً ولدَها في النارِ؟ "، قلنا: لا وهي تقدرُ على أنْ لا تَطْرَحَهُ، قال: "للهُ أرحمُ بعبادِهِ من هذه بولدِها".
"وعن عمر بن الخطاب: قدِمَ على النبي - عليه الصلاة والسلام - سبىٌ،