يدل على أن جواز ركوب الهدي إذا كان مضطرًا إلى ذلك بأن لم يجدْ مركوبًا غيرها، وبه قال أبو حنيفة.
* * *
١٩٠٧ - وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: بَعَثَ رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بسِتَّ عَشَرَةَ بَدَنَةً مَعْ رَجُل وأمَّرَهُ فيها، فقال: يا رسُولَ الله، كيفَ أصنعُ بما أُبْدع عَلَيَّ منها؟، قال:"انْحَرْها، ثُمَّ اصْبُغ نَعْلَيْها في دَمِها، ثمَّ اجْعَلْها عَلَى صفْحَتِها، ولا تأكلْ منها أنتَ ولا أحدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِكَ".
"وقال ابن عباس: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستَّ عشرةَ بدنة مع رجل": هو ناجيةُ بن جندب الأسلمي صاحبُ بدن النبي عليه الصلاة والسلام.
"وأَمَّره فيها": بفتح الهمزة وتشديد الميم؛ أي: جعله - عليه الصلاة والسلام - أميرًا حاكمًا في نحر تلك البدن بمكة، وتفريق لحمها على الفقراء من الحرم وغيره.
"فقال: يا رسول الله! كيف أصنعُ بما أُبدع عليَّ منها؟ ": على بناء المجهول؛ أي: انقطعت عن السير لكلال، وإنما لم يقل: بي؛ لأنه لم يكن راكبها، وأراد: بما حُبِس على من الكلال.
"قال: انحرها، ثم اصبغْ نعليها": المقلَّد بهما "في دمها، ثم اجعلها على صفحتها"؛ أي: اضرب نعليها على جانب اليمنى من سنامها؛ ليعلم المار به أنه هدي، فمن كان محتاجًا يأكل منه.
"ولا تأكل منها أنت، ولا أحدٌ من أهل رفقتك": إنما نهاهم عن أكلها؛ كيلا يتوهم أحدٌ أنهم نحروها لأنفسهم، ولم يكن قد أُبدِع في الطريق.